وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين
الناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
عمان - المملكة الأردنية الهاشمية
تصانيف
المبحث الثّاني
صور ممّا لقي النَّبيُّ ﷺ من الأذى وهو صابر وما نزل من القرآن
﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ ... (٣١)﴾ [الفرقان].
لكلّ نبيّ عدوّ
قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ ... (١١٢)﴾ [الأنعام]، فمن حكمة الله تعالى أنّه لم يَبْعَثْ نبيًّا إلاّ وجعل له أعداء يشكّكون بما جاء به ويعتدون عليه، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في غير موضع، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (٣١)﴾ [الفرقان]، فانظر إلى آدم وإبليس، وإبراهيم والنّمرود، وموسى وفرعون، والنَّبيَّ محمّد - ﷺ - وأبي جهل وأبي لهب ... لكن من نعمة الله تعالى عليهم أن جعل مُقابِل ذلك الهدايةَ والنُّصْرةَ لهم حقًّا عليه، قال تعالى: ﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (٣١)﴾ [الفرقان].
وهذا الاعتداء على النَّبيِّ - ﷺ - قديم، قال تعالى: ﴿لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ ... (٤٨)﴾ [التوبة]، فكم هم الّذين أجالوا الفِكْرَ في كيد النّبيِّ - ﷺ - وإبطال دينه من المشركين والمنافقين، ولكن من كان الله معه فمن عليه؟!
كما أنّ أعداء النَّبيِّ - ﷺ - (شياطين الإنس والجنّ) باقون حتّى يومنا هذا، ولا أدري ماذا يريدون من رسول الله - ﷺ ـ؟! آذوه بعد مماته، كما آذاه أَسْلافُهم من قبل في حياته؟!
فقد لَقِيَ النّبيُّ - ﷺ - من ألوان الأذى شأنه شأن سائر الأنبياء والمرسلين، اختبأ في دار الخيزران (^١)، وهم يتربصون به؛ فجعل يَفِرُّ بدينه من مكان إلى مكان، وهم يدمون قدميه
_________
(^١) الدّار التي عند الصّفا.
1 / 48