وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين
الناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
عمان - المملكة الأردنية الهاشمية
تصانيف
ما يضرّ البحر أمسى زاخرًا ... أن رمى فيه غلامٌ بحجر
وسيبقى البحرُ الزّاخر زاخرًا، وسيبقى ذكر من رفع الله ذكره كائنًا: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ... (١٧)﴾ [الرعد].
وإذا كان المقصود النّيل من الإسلام فمعاذ الله أن يقدر أحد على ذلك، قال الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ ... (٣)﴾ [المائدة].
الّذين يتناجون بالإثم والعدوان
روى البخاري عن أنس بن مالك قال: " مرّ يهوديّ برسول الله - ﷺ ـ، فقال: السَّامُ عليك. فقال رسول الله - ﷺ ـ: وعليك، فقال رسول الله - ﷺ ـ: أتدرون ما يقول؟ قال: السَّام عليك. قالوا: يا رسول الله، ألا نقتله؟ قال: لا، إذا سلّم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم " (^١).
وروى عن عائشة ﵂ قالت: " استأذن رَهْطٌ من اليهود على النَّبيّ - ﷺ - فقالوا: السَّام عليك، فقلت: بل عليكم السَّام واللعنة، فقال: يا عائشة، إن الله رفيقٌ يحبُّ الرّفقَ في الأمر كلّه. قُلتُ: أولم تسمعْ ما قالوا؟ قال: قلتُ: وعليكم " (^٢).
وقد ترك النَّبيُّ - ﷺ - قتلهم، وصبر على أذاهم لمصلحة التأليف، ولأنهم لم يعلنوا ولم يصرِّحوا، وإنما لَوَّوْا بألسنتهم.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هؤلاء الّذين كانوا يحيّون النَّبيَّ - ﷺ - بهذه التّحيّة الظَّالمة، الّذين كانوا يتناجون بالإثم والعدوان ومعصية النَّبيِّ - ﷺ - ويقولون فيما بينهم: لو كان نبيًّا حقًّا لعذّبنا الله على هذا الكلام، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ
_________
(^١) البخاري " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٨/ص ٥١) كتاب استتابة المرتدين والمعاندين.
(^٢) المرجع السَّابق.
1 / 40