29

وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

الناشر

دار عمار للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

مكان النشر

عمان - المملكة الأردنية الهاشمية

تصانيف

عنده أكثر من والده وولده والنَّاس أجمعين؛ فمحبّة الرّسول - ﷺ - آكد عليه من محبّة من في الأرض جميعًا؛ لأنّ معرفةَ الحقّ بعد الضّلال والنّجاة من المهلكات والنّار إنّما كان بتوفيق من الله تعالى على لسان الرّسول - ﷺ ـ. ثمّ انظر كيف قَدَّم - ﷺ - الوالد على الولد للأكثرية، فكلّ واحد له والد، ولا يلزم أن يكون له ولد، ثمّ عطف النَّبيُّ - ﷺ - الناس بعد الوالد والولد من عطف العام على الخاص للأهميّة، فسبحان مَنْ بعثه بجوامع الكَلِم! وقد بين - ﷺ - أن من ثمرات الإيمان محبة الله ورسوله، أخرج البخاري عن أنس عن النَّبيِّ - ﷺ - قال: " ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكونَ الله ورسولُه أحبَّ إليه ممّا سواهما ... " (^١). والإيمان بالله تعالى يستوجب محبة النَّبيِّ - ﷺ - وإعلاء قدره على كلّ والد وولد ونفس، أخرج البخاري عن عبد الله بن هشام قال: " كنَّا مع النَّبيِّ - ﷺ - وهو آخذ بيد عمر ابن الخطَّاب، فقال له عُمَرُ: يا رسول الله، لأنتَ أحبُّ إليَّ من كلِّ شيء إلاّ من نفسي، فقال النّبيُّ - ﷺ - له: لا والّذي نفسي بيده حتَّى أكونَ أحبَّ إليك من نفْسك، فقال له عُمَر: فإنَّه الآن والله لأنتَ أحبُّ إليَّ من نفسي، فقال النَّبيُّ - ﷺ ـ: الآن يا عُمَر " (^٢). ومن ثمرات محبّة الرّسول - ﷺ - أنّ من أحبّه كان معه يوم القيامة أخرج البخاري عن أنس: " أنّ رجلًا من أهل البادية أتى النَّبيَّ - ﷺ ـ، فقال: يا رسول الله، متى السّاعةُ قائمة؟ قال: ويلك، وما أعددتَ لها؟ قال: ما أعددتُ لها، إلاّ أنّي أحبُّ الله ورسوله، قال: إنّك مع من أحببت، فقلنا: ونحن كذلك؟ قال: نعم؛ ففرحنا يومئذ فرحًا شديدًا " (^٣).

(^١) البخاري " صحيح البخاري " (م ١/ ج ١/ ص ٩) كتاب الإيمان. والحديث فيه استعارة تخيلية جميلة، فقد شبّه - ﷺ - الرغبة في الإيمان بشيء حلو. (^٢) البخاري " صحيح البخاري " (م ٤ / ج ٧ / ص ٢١٨) كتاب الأيمان والنذور. (^٣) البخاري " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٧/ص ١١٢) كتاب الأدب.

1 / 29