وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين
الناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
عمان - المملكة الأردنية الهاشمية
تصانيف
وأخرج البخاري عن الأعمش، عن أبي وائلٍ قال: " قال سَهْلُ بنُ حُنيف: يا أيّها النّاس، اتّهموا رأيَكُم (^١) على دينكم، لقد رَأيتُني يوم أبي جَنْدلٍ (^٢) ولو أستطيعُ أنّ أردّ أمرَ رسول الله ﷺ لرددْتُهُ، وما وضعْنا سُيُوفَنا على عواتقنا إلى أمر يُفظعُنا إلاّ أسْهَلْنَ (^٣) بنا إلى أمرٍ نعرفُهُ غيرَ هذا الأمرِ " (^٤) أي أنّ السّيوف يفضين بهم إلى أمر سَهْل فيه الخير إلاّ هذا الأمر وهذه المقاتلة، واستثنى صِفِّين؛ لقوّة حجج الطّائفتين وعظم الشّبهة: إذ حُجَّة عليّ ومن معه قتال الطّائفة الباغية حتّى تعود إلى الحقّ، وحُجَّة معاوية قتل الخليفة عثمان ظلمًا وعدوانًا ووجود قتلته بأعيانهم في الجانب العراقيّ.
وكيف لا يرغب عليّ ﵁ في الصُّلح وقد رَغَّبه النَّبيُّ ﷺ فيه؟! فقد أخرج أحمد بسند صحيح عن إياس بن عمرو الأسلميّ عن عليّ، قال: قال رسول الله ﷺ: " إنّه سيكون بعدي اختلافٌ أو أمر، فإن استطعتَ أن تكون السَّلْم (^٥) فافعلْ " (^٦).
ولذلك كتب عليّ بينه وبين معاوية كتاب الصّلح أو ما يسمّى بوثيقة التّحكيم، أو كتاب الحكومة كما جاء في غير مصدر، ثمّ انفصل الفريقان على أن يجتمع الحكمان أبو موسى من جهة عليّ، وعمرو بن العاص من جهة معاوية في العام القابل في دومة الجندل، وقيل في أذرح والأوّل أظهر، ورجع الفريقان: رجع معاوية إلى الشّام، وعليّ إلى الكوفة.
(^١) يظهر أنّ القرّاء اتّهموه بالتّقصير في القتال، فأعلمهم أنّ الرأي لا يقال به مع وجود النّصّ.
(^٢) أراد يوم الحديبية، وأبو جندل هو ابن سهيل بن عمرو القرشي، قال الحافظ: "وكان من السّابقين إلى الإسلام وممّن عُذّب بسبب إسلامه " ابن حجر" الإصابة " (م ٤/ج ٧/ص ٣٣/رقم ٢٠٢).
(^٣) أنزلتنا في السّهل من الأرض، كناية عن التّحوّل من الضّيق إلى الفرج.
(^٤) البخاري " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٨/ص ١٤٨) كتاب الاعتصام.
(^٥) أي المُسَالم.
(^٦) أحمد " المسند " (ج ١/ص ٤٦٩/رقم ٦٩٥).
1 / 204