169

وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

الناشر

دار عمار للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

مكان النشر

عمان - المملكة الأردنية الهاشمية

تصانيف

عدد قتلى الجمل وزمن القتال ودلالته
الرّواية عند الطّبري عن عدد قتلى الجمل أنّهم عشرة آلاف، وأنّه قُتل من بني عديّ يومئذ سبعون شيخًا كُلّهم قد قرأ القرآن، وأنّ عائشة ﵂ ما زالت ترجو النّصر حتّى خفيت أصوات بني عديّ. وكلّ هذا لا يصحّ، فقد أخرجه الطّبري من طريق سيف، وهو ضعيف، فضلًا عن أنّ المتن فيه اضطراب.
فقد أخرج الطّبري عن شعيب، عن سيف، عن محمّد وطلحة، قالا: " كان قتلى الجمل حول الجمل عشرة آلاف نصفهم من أصحاب عليّ ونصفهم من أصحاب عائشة: من الأزد ألفان، ومن سائر اليمن خمسمائة، ومن مضر ألفان، وخمسمائة من قيس، وخمسمائة من تميم، وألف من بني ضبّة، وخمسمائة من بكر بن وائل " (^١) قلت: وانظر إلى المجموع، فإنّه لا يساوي عشرة آلاف، وهذا يدلّك على تهلهل المتن واضطرابه. أيضًا الرِّواية عند الطَّبري في تَعيين عدد من خَرَجَ مع عائشة تتحدَّث - كما تقدَّم - أنه خرج معها ألف أو ثلاثةُ آلاف، فكيف يُقْتَلُ من أصحاب عائشة ﵂ خمسة آلاف؟!
ثمّ ذكر الطّبري بعد ذلك - دون سند - أنّه قيل: " قُتِل من أهل البصرة في المعركة الأولى خمسة آلاف، وقُتِل من أهل البصرة في المعركة الثّانية خمسة آلاف، فذلك عشرة آلاف قتيل من أهل البصرة، ومن أهل الكوفة خمسة آلاف " (^٢) ورواية المجاهيل لا تصحّ قولًا واحدًا؛ فلا ينظر إلى أيّ متن إذا لم يصحّ إسناده بدليل.
ثمّ رجع الطّبري إلى سنده الأوّل عن سيف، ومحمّد وطلحة قالا: " وقُتل من بني عدي يومئذ سبعون شيخًا كلّهم قد قرأ القرآن، سوى الشّباب ومن لم يقرأ القرآن، وقالت عائشة ﵂ ما زلت أرجو النّصر حتّى خفيت أصوات بني عدي " (^٣).

(^١) الطّبري: " تاريخ الأمم والملوك " (ج ٣/ص ٥٤٣).
(^٢) المرجع السَّابق.
(^٣) المرجع السَّابق.

1 / 170