وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين
الناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
عمان - المملكة الأردنية الهاشمية
تصانيف
قوله ﷺ " أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما " (^١).
والحاصل أنّ سبب إنكاره على الخطيب تشريكه في الضّمير، لأنّ ذلك يقتضي التّسوية بينهما، وخشي على الرّجل أن يكون معتقدًا ذلك، والنَّبيُّ ﷺ آمَنُ مِنْ ذلك، كذلك نهاه لأنّ خُطَبَ الوعظ شأنها البسط والإيضاح، والنَّبيُّ ﷺ ثَنَّى الضمير لأنّه ليس في مقام الخطبة والوعظ، وإنّما هو تعليم حُكْمٍ، وكلّما قَلَّ لفْظُه كان أقرب إلى حفظه، بمثل هذا أجاب علماؤنا.
وزعموا أنّ هناك اختلافًا في الحديث الواحد، وذكروا قول النَّبيِّ ﷺ: " لا عدوى، ولا طِيَرَةَ، ولا هامةَ، ولا صَفَرَ، وفِرّ من المجذوم كما تفرُّ من الأسد " (^٢) قالوا: النّبيّ ﷺ ينفي أن تقع عدوى، أو أن تكون هناك عدوى، ثمّ يأمر بالفرار من المصاب بالجذام! وهذا أغرب ما سمعنا!
ولا يخفى أنّ المراد بقول النَّبيِّ ﷺ: " لا عدوى " أي لا عدوى تقع بذاتها، فالعدوى ليست علّة فاعلة، وإنّما تقع بقدر الله.
والنَّبيُّ ﷺ لمّا قال ذلك إنّما يريد نفي ما كانت الجاهليّة تعتقده من أنّ المرض والعلّة تُعْدِي بطبعها لا بأمر الله، ويشهد لذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة حين قال رسول الله ﷺ: " لا عدوى ولا صَفَرَ ولا هامَةَ، فقال أعرابيّ: يا رسول الله: فما بال الإبل تكون في الرَّمْل كأنّها الظّباء، فيجيء البعير الأجرب، فيدخُلُ فيها؛ فيُجْربُها كلّها؟! فقال ﷺ: فَمَنْ أعدى الأول؟ " (^٣).
قالوا: وكيف يصحّ حديث عن رسول الله ﷺ يقول: " الوائدة والموءُودةُ في النّار "
(^١) رواه البخاري عن أنس ﵁ " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٨/ص ٥٦) كتاب الإكراه، وأخرجه في كتاب الإيمان، وكتاب الأدب. (^٢) البخاري عن أبي هريرة ﵁ " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٧/ص ١٧) كتاب الطّب. (^٣) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ٧/ج ١٤/ص ٢١٣) كتاب السّلام.
1 / 117