54

الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة

الناشر

عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

وقبل الانتقال إلى الحديث عن الأمر الثاني، أودّ أن أعرض لإشكال والإجابة عنه. قد يقول قائل: إذا كان عمر بن عبد العزيز بهذه المثابة في سعة العلم والإمامة فيه، ويُعْدَل بابن شهاب الزهري، فلم لمْ يشتهر بالعلم هذه الشهرة، ولم يُنقل عنه من العلم ما نُقل عن غيره من الأئمة: كالزهري، ومالك، وابن عيينة وأمثالهم؟! والجواب عنه: أن العلم تحمُّل وأداء: والتحمُّل هو الأخذ والاستماع، والأداء هو التحديث والإسماع. وقد يسّر الله تعالى لعمر بن عبد العزيز الجانبَ الأول من العلم، وهو تحملُه وتلقّيه له، ولم يتيسر له الجانب الثاني إلا قليلا. فلما بعث به أبوه إلى المدينة، توفّر على استماع العلم وتحمله، إلى أن خرج من المدينة النبوية ولم يترك فيها أحدًا أعلم منه كما تقدم. ثم شغل بإمارة المدينة، ثم جُمع إليه معها إمارة مكة المكرمة، ثم ألقيت عليه الخلافة بثقلها وأعبائها، فلم يتفرغ لأداء ما تحمّل إلا قليلا. وعذره في هذا عذر غيره من أئمة السلف

1 / 73