ومثال آخر على ذلك قوله جل وعلا: ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة:٩٥] فقوله جلا وعلا: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ [المائدة:٩٥] قيد خرج مخرج الغالب، ولذلك قال أكثر العلماء: إن قتل الصيد حال الإحرام محرم حال العمد ولخطأ، والكفارة ثابتة في الحالتين. (^١)
القول الثاني: أن قوله جل وعلا: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ [النساء:٢٣].
هو وصف لازم، وليس بوصف خرج مخرج الغالب.
وعليه فإن الزوج إذ دخل بالمرأة حرمت عليه ابنتها، بشرط أن تكون في تربيته وحجره.
- وهذا قول: روي عن على بن أبي طالب ﵁ وإليه ذهب داود بن علي الظاهري وأصحابه، وحكاه أبو القاسم الرافعي عن الإمام مالك - واختاره ابن حزم. (^٢)
- وقد رُد هذا القول: بأن قوله جل وعلا: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ﴾ [النساء:٢٣] لم يقتض أن تكون تربية زوج الأم للبنت شرطًا في التحريم، وأنه متى لم يربها لم تحرم، وإنما سميت بنت المرأة (ربيبة) لأن الأعم الأكثر أن زوج الأم يربيها. فليس بوقوع هذا الاسم على هذا المعنى بموجب أن تربيته إياها شرطًا في تحريمها.
وكذلك قوله جل وعلا: ﴿فِي حُجُورِكُمْ﴾ [النساء:٢٣] كلام خرج على الأعم الأغلب من كون الربيبة في حجر الزوج، فليست هذه الصفة شرطًا في التحريم.
- ومثل هذه الآية في أن الوصف قد يكون وصفًا غالبًا، وليس شرطًا لازمًا: قول الرسول ﷺ: " في خمس وعشرين من الإبل بنت مخاض، وفي ست وثلاثين بنت لبون ". (^٣)
(^١) تفسير القرطبي (٦/ ٢٨٩).
(^٢) انظر: تفسير القرطبي (٣/ ١١٨) - وتفسير ابن كثير (١/ ٤٨٢).
(^٣) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب الزكاة - باب في زكاة السائمة (حـ ١٥٦٧ - ٢/ ٢١٤)
والنسائي في سننه - كتاب الزكاة - باب زكاة الإبل (حـ ٢٤٤٦ - ٥/ ٢٠).
1 / 372