219

أقوال الطحاوي في التفسير: الفاتحة - التوبة

تصانيف

ويرد على هذا الاستدلال: بأن الله جل وعلا قال: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة:٢٣٧] فعدل عن الخطاب إلى الغيبة للتنبيه على المعنى الذي من أجله يرغب الزوج في العفو - وهذا المعنى هو: أو يعفو الزوج الذي حبس زوجته بأن ملك عقدة نكاحها عن الأزواج، ثم لم يكن منها سبب في الفراق، وإنما كان الفراق منه لعدم رغبة فيها، فلا جرم أنه كان حقيقيًا بأن لا ينقصها من مهرها، ويكمل لها صداقها. (^١)
٢ - أن الله جل وعلا قال: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ [البقرة:٢٣٧] ومعلوم أنه ليس كل امرأة تعفو، فإن الصغيرة والمحجور عليها، لا عفو لهما، فبين الله جل وعلا القسمين:
فقال في القسم الأول: ﴿إِلَّا أَنْ﴾ يَعْفُونَ [البقرة:٢٣٧] أي: إن كن لذلك أهلًا.
ثم ذكر القسم الثاني، فقال: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة:٢٣٧] أي الولي، إن لم يكن أهلًا لذلك. (^٢)
الرد على هذا الاستدلال: أن الله جل وعلا قال: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ [البقرة:٢٣٧] فأرد بذلك النساء التي جرى ذكرهن في الآية المتقدمة في قوله: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [البقرة:٢٣٦] فذكر أن الذين يعفون هم النساء - والصبايا - لا يسمين (نساء) وعلى ذلك فلا يصح أن يكون المراد بقوله: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة:٢٣٧] الولي على غير البالغات.
وإن كان المراد بقوله: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة:٢٣٧] الولي على البالغات، فلا يصح أيضًا، لأنه بالإجماع لا ولاية له عليهن. (^٣)

(^١) تفسير الرازي (٦/ ١٤٣).
(^٢) أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٢٢١).
(^٣) تفسير الطبري (٢/ ٥٦٥).

1 / 219