وهكذا وصفت الحرب العالمية الثانية بأنها «استعمارية» حين هاجم هتلر روسيا، وعندما وضعت الحرب أوزارها عاد الزعماء الروس إلى مذهبهم القديم وبذلوا من عنايتهم أكثر مما كانوا يبذلون من قبل. •••
وقد كانت ثورة لينين بوجه خاص ثورة سياسية؛ فقد قضت على النظام الإمبراطوري، كما أنها قضت على جميع الأحزاب الاشتراكية الروسية فيما عدا حزب البولشفيك، كما أنها نشرت في روسيا كلها دكتاتورية بلشفية.
ولقد حققت دون شك تغيرات اجتماعية كبيرة؛ فقد حطمت القوة الاقتصادية التي كان يتمتع بها أصحاب الأراضي ورجال الأعمال، إلا أن طبقة الغالبية في روسيا؛ وهي طبقة الفلاحين، استمرت تعيش طبقا للنظام الاجتماعي الماضي حتى بعد أن تسلمت نصيبها من الأراضي التي صودرت من أصحاب الأملاك.
إلا أن ثورة ستالين التي بدأت في عام 1929 كانت آثارها الاجتماعية أعمق من ثورة لينين؛ فقد حطمت طبقة صغار الملاك، أو بمعنى آخر أنها قضت على الفلاح المستقل.
وخلقت صناعة جديدة كبيرة، وذلك بالتجنيد الشامل للقوى الفردية والاستغلال المنظم للطبقة العاملة.
وكانت لها أيضا آثارها السياسية؛ إذ إنها استكملت إخضاع الحزب لإرادة ستالين، وكانت هذه المحاولة قد بدأت منذ عام 1920.
وأخيرا فقد أثرت هذه الثورات في كل فرع من فروع الثقافة، فأخضعت الآداب والفنون والعلوم ليس فقط للرقابة السلبية التي كانت موجودة منذ عهد لينين، ولكن لتوجيه إيجابي سيطر عليها ...
ولذلك يمكن القول إن نظام لينين كان نظاما دكتاتوريا شاملا في حين أن نظام ستالين كان نظاما فرديا.
وقد بدأت ثورة ستالين كنتيجة لنقص كميات الطعام في المدن، فإن الفلاحين وقد زاد نصيبهم من الأرض عما كان عليه في عام 1917 بدءوا يأكلون أكثر من الماضي، وكان اطراد الزيادة في عدد السكان، وتقلب الأحوال الجوية، مما يجعل تموين المدن بالمواد الغذائية غير مأمون العواقب، وكان زعماء السوفييت قد اعتزموا مستندين إلى أسباب عامة وإلى عوامل حربية تنمية الصناعة بسرعة، ولتحقيق هذا الغرض كان عليهم أن يواجهوا مشاكل الإنتاج الزراعي والتسويق.
وكان من الممكن اتباع إحدى سياستين بإزاء الفلاحين، والسياسة الأولى تتلخص في تشجيع الفلاحين على مضاعفة جهودهم مما يضاعف بالتالي إنتاجهم وبيعه بالمدن، وكانت خطة تشجيع الفلاحين على مضاعفة إنتاجهم تتطلب إمداد الأسواق ببضائع الاستهلاك حتى ولو اقتضى الأمر استيراد بعضها.
صفحة غير معروفة