إِنَّ التَّشَيُّعَ الصَّفَوِيَّ مَا اسْتَلَبَ إِيرَانَ فِي الْقَرْنِ الْعَاشِرِ، وَقَتَل فِيهَا مِلْيُونَ مُسْلِمٍ سُنِّيٍّ إِلَّا لِيُعِيدَ مَمْلَكَةَ سَاسَانَ، وَكَانَتْ عَيْنُهُمْ مُنْذُ انْتَزَعُوا بِلَادَ فَارِسَ عَلَى الْعِرَاقِ، وَزَحَفَ إِسْمَاعِيلُ الصَّفَوِيُّ بِجُيُوشِهِ عَلَيْهَا فَاحْتَلَّهَا، وَاسْتَبَاحَ أَهْلَهَا، وَنَبَشَ قَبْرَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ نِكَايَةً بِأَهْلِ السُّنَّةِ، إِلَى أَنْ طَرَدَهم أهل السنّة مِنْهَا فِي مَعْرَكَةِ جَالِيدْرَانَ، وَلَكِنَّ الصَّلِيبِيِّينَ رَأَوْا فِي الْبَاطِنِيِّينَ خَيْرَ حَلِيفٍ لَهُمْ عَلَى كَسْرِ المُسْلِمِينَ؛ وَلِذَا تَحَالَفُوا مَعَهُمْ، وَمَكَّنُوا لَهُمْ، وَأَمَدُّوهُمْ بِمَا يَحْتَاجُونَ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ.
وَمِمَّا يَجِبُ أَنْ تَعْلَمَهُ الْجُيوبُ الْبَاطِنِيَّةُ مِنْ غَيْرِ الْفُرْسِ وَالَّتِي نَذَرَتْ نَفْسَهَا، وَرَهَنَتْ إِرَادَتَهَا لخِدْمَةِ المَشْرُوعِ الصَّفَوِيِّ أَنَّهُمْ مَهْمَا كَانُوا، وَمَهْمَا قَدَّمُوا لَيْسُوا إِلَّا مُجَرَّدَ عَبِيدٍ وَخَدَمٍ لِلْمَشْرُوعِ الْعُنْصُرِيِّ الْفَارِسِيِّ، وَلَا مَكَانَ لَهُمْ فِيهِ، إِنْ هُمْ إِلَّا بَيَادِقُ تُسْتَخْدَمُ ثُمَّ تُرْمَى.
وَمِمَّا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَسْتَبْشِرُوا بِهِ أنّ مَمْلَكَةُ فَارِس لَنْ تَعُودَ، وَلَنْ يَقُومَ لَهُمْ كِسْرَى؛ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ النَّبَوِيَّةَ جَاءَتْ بِذَلِكَ، وَالنَّبِيُّ ﵊ لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١).
(١) صحيح البخاري (٤/ ٣١٢٠)، ومسلم (٤/ ٢٢٣٦).
1 / 303