Christian Huygens
و«هنري أولدنبرج
Henry Oldenburg »، الذي كان أمين سر الجمعية الملكية في لندن وقت إنشائها حديثا، والذي اتصل باسپينوزا في مراسلات عديدة على فترات زمنية مختلفة، وعن طريق هذا الأخير اتصل اسپينوزا بالعالم الإنجليزي المشهور «روبرت بويل
Robert Boyle » وناقش نظرياته وتجاربه العلمية، وبالإضافة إلى هذا كله، كان ليبنتس من أكثر الناس حرصا على الاتصال باسپينوزا والإفادة منه فكريا، وإن يكن قد بذل كل جهده لإخفاء هذا الاتصال، والأمر المؤكد أن كلا من الرجلين قد أعجب بالآخر عقليا، ولكنه حرص على أن يلتزم جانب الحذر منه؛ فاسپينوزا كان يؤمن بضرورة التحري بكل دقة عن ليبنتس قبل تقديم مؤلفاته إليه. وقد أكد ذلك أكثر من مرة لتلميذه «تشيرنهاوس
Tschirnhaus » (الذي كان واسطة بينه وبين ليبنتس) وطلب إليه أن يدرس شخصية ليبنتس دراسة أدق قبل أن يطلعه على مؤلفاته، وأبدى شكه في المهمة التي سافر ليبنتس من أجلها إلى فرنسا «في الوقت الذي كان فيه مستشارا في فرانكفورت».
أما ليبنتس فقد تراسل، من ناحيته، مع اسپينوزا مرات عديدة بتوسط تشيرنهاوس، ثم تعرف إليه مباشرة في إحدى سفراته لهولندا، وناقشه طويلا في آرائه الفلسفية، وسجل محادثاته معه، واستعار مخطوطا لمؤلفاته غير المنشورة، ويتفق كثير من الباحثين في فلسفة ليبنتس على أن دينه لاسپينوزا كان أعظم كثيرا مما اعترف به - ولكن أسباب عدم الاعتراف هذا معروفة؛ إذ كان اسپينوزا شخصية ثار حولها كثير من الجدل وحامت حولها الشبهات، وعرف بآرائه المتطرفة في تحررها في ميدان الدين والسياسة. أما ليبنتس فكان بطبيعته طموحا نهازا للفرص ولم يكن يقبل أن يمسه أي سوء لاتصاله بمثل هذا الثائر. وهكذا حرص قدر طاقته على أن يمحو من كتاباته المنشورة كل أثر لاتصاله باسپينوزا، فيما عد بعض الانتقادات الشديدة التي لا يمكن أن تجلب إليه ظلا من الشك. وقد بلغ الحرص بليبنتس حدا أخفى معه عن كثير ممن كان يراسلهم، ومنهم المنطقي «أرنولد
Arnauld » مجرد كونه يعرف اسم مؤلف «البحث اللاهوتي السياسي»، الذي هاجمته الأوساط الدينية هجوما عنيفا اشترك فيه بعض أساتذة ليبنتس نفسه،
11
ثم طلب من صديق مشترك لهما، وهو «شولر
Schuller »، أن يعمل على عدم إظهار اسمه في مؤلفات اسپينوزا المختلفة، وعلى أن يحذف هذا الاسم قدر استطاعته من الرسائل. •••
صفحة غير معروفة