خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان

عبد الرحيم الطحان ت. غير معلوم
83

خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان

تصانيف

وبالختام: إن قلوب الناس على ثلاثة أقسام، قلب محشو بالإيمان، وقلب مملوء بالكفر والطغيان، وقلب فيه طاعة وعصيان، فالأول: خالٍ من الوساوس، والثاني: مملوء بالخبائث، قد استراح منه الشيطان، لأنه ساواه أو زاد عليه في الفجور والطغيان، والثالث: يغير الشيطان عليه عند غفلته ويهرب منه عند يقظته، وللإمام ابن القيم – عليه رحمة الله تعالى – في هذا كلام محكم متين، فدونكه لتأخذ بأحسن ما فيه، وتكون من المفلحين المهتدين. القلوب الثلاثة: قلب خالٍ من الإيمان، وجميع الخير، فذلك قلب مظلم، قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه؛ لأنه قد اتخذه وطنًا، وتحكم فيه بما يريد، وتمكن منه غاية التمكن. القلب الثاني: قلب استنار بنور الإيمان، وأوقد فيه مصباحه لكن عليه ظلمة الشهوات، وعواصف الأهوية، فللشيطان إقبال وإدبار ومجالات ومطالع، فالحرب دول وسجال وتختلف أحوال هذا الصنف بالقلة والكثرة، فمنهم من أوقات غلبته لعدوه وأكثر ومنهم من هو تارة وتارة. القلب الثالث: قلب محشو بالإيمان، قد استنار بنور الإيمان، وانقشعت عنه حجب الشهوات وأقلعت عنه تلك الظلمات، فلنوره في صدره إشراق ولذلك إيقاد لو دنا منه الوسواس احترق به، فهو كالسماء التي حرست بالنجوم، فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رُجِم فاحترق وليست السماء بأعظم حرمة من المؤمن، وحراسة الله – جل وعلا – له أتم من حراسة السماء فالسماء متعبد الملائكة، ومستقر الوحي، وفيها أنوار الطاعات، وقلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة والمعرفة والإيمان، وفيه أنوارها، فهو حقيق أن يُحرس ويُحفظ من كيد العدو، فلا ينال منه شيئًا إلا خطفة ً، وقد مُثِل ذلك بمثال حسن وهو: ثلاث بيوت: بيت المَلِك فيه كنوزه وذخائره وجواهره وبيت العبد فيه كنوز العبد وذخائره وجواهره، وليست كجواهر الملك وذخائره، وبيتٌ خالٍ صفر لا شيء فيه، فجاء اللص يسرق من أحد البيوت، فمن يسرق؟.

1 / 83