فحال الأجنة في بطون أمهاتها، كحال الثمار على أشجارها، عندما تبلغ غايتها، ويتم نضجها، لا يبقى إلا انفصالها، لثقلها، وكمالها، وضعف العروق الممسكة بها، وهكذا الجنين تنتهك عنه تلك الأغشية وتنفصل العروق التي تمسكه بين المشيمة والرحم، وتنصب تلك الرطوبات المزلقة، فتعينه بإزلاقها وثقله وانتهاك الحجب وانفصال العروق على الخروج، فينفتح الرحم انفتاحًا عظيمًا جدًا، ولابد مع ذلك من انفصال بعض المفاصل العظيمة، ثم تلتئم في أسرع زمان وقد اعترف بذلك حذاق الأطباء والمشرحين، فقالوا: لا يتم ذلك إلا بعناية إلهية، وتدبير تعجز عقول الناس عن إدراك كيفيته، فسبحان الله رب العالمين، وتبارك الله أحسن الخالقين (١) .
إي وربي لا يتم خروج المولود إلا بعناية إلهية، ورعاية ربانية، وأكثر الخلق في غفلة عن هذه القضية، كما قال رب البرية – جل وعلا –: ﴿قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ﴾ عبس ١٧-٢٠.
_________
(١) انظر هذا مع زيادة عليه في تحفة المورود بأحكام المولود: (٢٢٤-٢٢٧) .
1 / 34