قال الإمام الذهبي: قلت: ذم الكلام وتعلمه جاء من طرق كثيرة عن الإمام أحمد وغيره – ﵏ جميعًا (١) – وقال الإمام أبو يوسف – عليه رحمة الله تعالى –: من طلب العلم بالكلام تزندق، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس، ومن طلب غريب الحديث كُذِبَ، وقال لبِشْر المِرِّيسي: العلم بالكلام هو الجهل، والجهل بالكلام هو العلم، وإذا صار الرجل رأسًا في الكلام قيل: زنديق، أو رمي بالزندقة أراد – رحمه الله تعالى – بالجهل به اعتقاد عدم صحته، فإن ذلك علم نافع، أو أراد به الإعراض عنه وترك الالتفات إلى اعتباره، فإن ذلك يصون علم الرجل، وعقله فيكون علمًا بهذا الاعتبار (٢) .
(١) وردت جميع تلك النقول عن الإمام أحمد في تاريخ الإسلام للذهبي وقد فُصِلَتْ ترجمة الإمام أحمد في جزء مستقل فانظر تلك الأقوال فيه في: (٢٨/٣٠)، وانظرها مفرقة في طبقات الحنابلة: (١/٦٢) وجامع بيان العلم وفضله: (٢/٩٥)، ودرء عارض العقل والنقل: (١/٢٣٢)، وصون المنطق: (١٣٦) وشرف أصحاب الحديث: (٦) وقول الإمام أحمد: من تعاطى الكلام لم يَخْلُ من أن يتجهَّم، أي: يصبح جهميًا والجهمية ضالون مضلون ينسبون للزيغ الخبيث جهم بن صفوان، وسيأتيك عما قريب بين ضلالاتهم.
(٢) كما في شرح الطحاوية: (١٩/٢٠)، وشرح الفقه الأكبر: (٢)، وانظر قول أبي يوسف في مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه للذهبي: (٤٤) وفي: (٤٣) كان يقول: لا يفلح من استحلى شيئًا من الكلام وانظر قوله أيضًا في شرف أصحاب الحديث: (٥)، ومناقب أبي حنيفة للموفق المكي: (٤٩٢)، مناقب أبي حنيفة للكردي: (٤٠٩)، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام: (٢٩/٣٧٤) وقال الشيخ ابن تيمية: ويُروى هذا الكلام عن مالك والشافعي – رضي الله تعالى عنهم أجمعين – وانظره في جامع بيان العلم وفضله: (٢/١٣٢)، ودرء تعارض العقل والنقل: (١/٢٣٢) وصون المنطق: (٦٠) وفي صون المنطق: (٧٥) قال ابن أبي حاتم: كان أبي وأبو زرعة يقولان: من طلب الدين بالكلام ضل..
1 / 191