سياست نامه أو سير الملوك
محقق
يوسف حسين بكار
الناشر
دار الثقافة - قطر
رقم الإصدار
الثانية، 1407
تصانيف
لما وصل الأمير بالقافلة إلى منزل من منازل الطريق أخبره القاطنون ثمة بان الاف اللصوص قد استلموا طريقكم وهم في انتظاركم منذ أيام فسألهم الأمير كم فرسخا يبعد المكان الذي هم فيه قالوا خمسة فراسخ ولما سمع من في القافلة هذا أصابهم الفزع واستولى عليهم الذعر فحطوا هناك الرحال
ومع صلاة العصر استدعى الأمير جميع خفر البضائع وحامية القافلة ورجالها وشجعهم ثم قال أخبروني أيهما أعز النفس أو المال قالوا جميعهم النفس قال إن الأموال أموالكم أما نحن فسنرخص أرواحنا فداء لكم دونما حزن أو أسف فلم تتجرعون الأحزان إذن على ثروة وأموال ستعوضون عنها إن محمودا ليس بغاضب عليكم أو علي حتى يدفع بنا إلى الهلاك بل انه سيرنا في مهمة يسترد بها الأموال التي سلبها اللصوص من المرأة بدير الجص فماذا تظنون أتحسبون أنه يرغب في أن يستولي اللصوص على أموالكم لتهدأوا بالا فهو ليس في غفلة عنا لقد أخبرني شيئا هو أن مدده سيلحق بنا غدا مع شروق الشمس وستكون الأمور في صالحنا إن شاء الله أما أنتم فما عليكم إلا أن تنفذوا ما أقول ففيه نفعكم وصالحكم لما سمع القوم كلامه فرحوا ودبت الشجاعة والقوة في قلوبهم وقالوا سننفذ كل ما تأمرنا به قال ليتقدم مني كل من لديه منكم سلاح يقوى على استعماله فتقدم منه عدد فلما عدهم كانوا ثلاثمائة وسبعين فتى بين خيال وراجل وفيهم رجاله هو أي أفراد حاميته ثم قال لهم بما أننا سنتقدم الليلة فعلى الخيالة أن يبقوا معي في مقدمة القافلة والراجلين في مؤخرتها فمن عادة هؤلاء اللصوص أنهم ينهبون الأموال دون أن يقتلوا أحدا إلا من يتصدى لهم ويشتبك معهم سنصل إليهم غدا والشمس على ارتفاع رمحين وحين يحملون على القافلة لوذوا بالفرار فانا الذي سألجأ إلى الكر والفر معهم إلى أن تتواروا إلى مسافة فرسخ وحينذاك أكر راجعا إليكم وألتحق بكم ونصبر ثمة مدة نعود جميعنا بعدها ونحمل عليهم وسترون العجائب كذا أمرت وانني أعرف شيئا في الموضوع لا تعرفونه لكنكم ستعرفونه غدا فيبين لكم انذاك صدق قولي وهمة السلطان محمود فقالوا بصوت واحد إننا لفاعلون وعادوا
ولما أرخى الليل سدوله فض الأمير أحمال التفاح ودس السم فيها جميعا ثم أعادها ثانية وندب خمسة من رجاله للجمال العشرة التي تحمل التفاح وقال لهم حين ننهزم ويقع اللصوص في القافلة ويأخذون في فض الأحمال عليكم بدفع أحمال التفاح وفتح
صفحة ١٠٥