سياست نامه أو سير الملوك
محقق
يوسف حسين بكار
الناشر
دار الثقافة - قطر
رقم الإصدار
الثانية، 1407
تصانيف
الاخرين إن على كل من له خصم منكم أن يسترضيه الان وفي ذلك اليوم كان أقرب الناس إليه أبعدهم منه وأقواهم أضعفهم
ومنذ عهد اردشير إلى أيام يزدجرد الأثيم يزدجرد الأول والملوك يسيرون على ذلك المنوال إلا أن يزدجرد استبدل سنن ابائه باخرى سيئة وجعل الظلم شريعة في الأرض فسيم الناس الخسف ومنعوا النصف وراحت أدعية الشر تترى عليه من كل حدب وصوب
وحدث أن دخل إلى قصر يزدجرد فرس معرى فجأة أقر كل من كان حاضرا من عظماء الدولة بحسن شياته وعبثا حاولوا إيقافه إلى أن انتهى إلى يزدجرد نفسه ووقف امامه بجانب الإيوان هادئا فقال يزدجرد قفوا بعيدا فما هذه إلا هدية بعث بها الله تعالى إلي وتقدم منه رويدا رويدا واستلم عنانه وأخذ يربت على وجهه وظهره ثم امتطى صهوته فلم يبد حراكا وظل هادئا كما كان وطلب يزدجرد لجاما وسرجا فألجمه وأسرجه وأحكم حزمه ولما هم بوضع المذيلة رفسه الفرس على رأس قلبه فجأة فقتله ومضى خارجا دون ان يعترض سبيله أحد ولم يستطع أحد أن يعرف من أين جاء وإلى أين ذهب وأجمع الناس على أن الفرس لم يكن سوى ملك من ملائك الله تعالى ارسله لتخليصنا من هذا الظالم
همة عالية
قيل أن عمارة بن حمزة كان في مجلس الدوانيقي يوم المظالم إذ نهض أحد المظلومين فشكاه مدعيا أنه غصبه ضيعته فقال الدوانيقي لعمارة قم واجلس قبالة الخصم وادل بحجتك قال عمارة لست خصمه إن تكن الضيعة من أملاكي فقد وهبته إياها على أن أقوم من المكان الذي خصني به أمير المؤمنين وأجلسني فيه أو ان أفرط بجاهي ومكانتي في ضيعة فأعجب الحاضرون من كبار رجال الدولة بهمته العالية
وليعلم أن الملك ينبغي أن يتولى القضاء بنفسه وأن يسمع حجج الخصوم بأذنيه
صفحة ٧٩