سياست نامه أو سير الملوك
محقق
يوسف حسين بكار
الناشر
دار الثقافة - قطر
رقم الإصدار
الثانية، 1407
تصانيف
هذه الولاية التي استولينا عليها لا حيلة لنا سوى أن نختار من بيننا أليقنا واكفأنا ونجعله أميرا علينا نأتمر بأمره على أنه البتكين فقالوا جميعا لا علاج لأمرنا سوى هذا ثم أخذوا يستعرضون الغلمان المقدمين مبينين ما على كل منهم من مأخذ وعيوب إلى أن وصلوا إلى سبكتكين فوجم الجميع حين ذكر اسمه لكنه نهض من بينهم من قال لا عيب في سبكتكين سوى أن في الغلمان الاخرين من اشتري قبله وأكثر منه خدمة وإلا فإنه لا ينقصه شيء من حيث الفطنة والذكاء والنزال والشجاعة والمروءة والسخاء والبذل ومراعاة الناس وحسن الصحبة والعشرة والدماثة والخوف من الله والوفاء بالعهد والصدق والاستقامة لقد رباه مولانا البتكين فكانت أفعاله تلقى من لدنه كل رضى وقبول دائما ثم إنه يجمع سيرة مولانا وخصاله جميعها ويعرف لكل منا قدره ومكانته جيدا هذا ما أعرفه عنه والرأي ما ترونه
وتشعبوا في حديثهم ثم اتفقوا أخيرا على تنصيب سبكتكين أميرا عليهم ورد سبكتكين تنصيبهم له لكنهم أجبروه على ذلك وحينئذ قال إن لم يكن ثمة مناص فإنني أقبل هذا العبء على أن تهبوا معي هبة رجل واحد على كل من يخالفني أو يشق عصا طاعتي أو ينبذ أوامري ظهريا ويتوانى في تنفيذها منكم وتقتلوه فعاهدوه أوثق عهد وأقسموا على ذلك ثم أخذوه وأجلسوه مكان البتكين وسلموا عليه بسلام الأمير ونثروا الذهب والفضة من حوله وتكللت كل تدابير سبكتكين وحملاته بالسداد والنجاح ثم تزوج من إبنة رئيس زابل زابلستان التي ولدت له محمودا ولهذا قيل له محمود الزابلي ولما كبر محمود شارك والده في حملات وأسفار كثيرة
وأنعم خليفة بغداد بلقب ناصر الدين على سبكتكين لما قام به من أعمال جليلة وأحرز من انتصارات عظيمة في ديار الهند
ولما توفي سبكتكين خلفه ابنه السلطان محمود الذي كان قد ثقف عن والده تدبير شؤون الملك وإدارتها وكان محمود كاتبا وقارئا يهوى الاصغاء إلى أخبار الملوك دائما ولقد حاز كل الصفات والسير الحميدة
ومضى محمود في طريق الفتح ففتح ولاية نيمروز واستولى على خراسان أما الهند فتوغل فيها كثيرا واستولى على سومنات وجلب مناة وتغلب على ملوكها وهزمهم ووصل أمره إلى ما وصل إليه
لقد هدفت من وراء هذه الحكاية أن يعلم سيد العالم خلد الله ملكه كيف يكون
صفحة ١٥٧