أية حال وأحسب أنه بايع الباطنية لكنه لن يظهر هذا قبل وصوله إلى هنا علينا ألا نكون في غفلة من اتخاذ الحيطة والحذر فماذا أنتم قائلون فاتفقوا على أن يخرج الخليفة من المدينة إلى الصحراء ومعه خاصته وجميع حشمه وأعيان بغداد ويعسكر فيها فإن كان يعقوب يضمر العصيان فلن يوافقه جمع أعيان خراسان والعراق وقادة جيوشهما أو يرضوا عما يراود فكره وإذا ما أعلن العصيان فلا مندوحة لنا من حيلة نستميل بها جيشه ألينا فإذا فشلنا في هذا وعجزنا عن الصمود في قتاله فستكون الطريق أمامنا ممهدة نستطيع أن نمضي معها إلى الجهة التي نريد لآننا لن نكون أسرى محصورين بين أربعة جدران وأعجبت أمير المؤمنين الخطة فنفذوها وكان أمير المؤمنين المعتمد على الله أحمد
لما وصل يعقوب نزل قبالة معسكر الخليفة وعسكر هناك فاختلط العسكران معا وفي اليوم نفسه أعلن العصيان وأرسل إلى الخليفة يقول سلم بغداد وامض إلى حيث تشاء فاستمهله الخليفة شهرين فأبى ولما أرخى الليل ستوره بعث الخليفة رسولا إلى جميع قادة جيش يعقوب يقول لقد أعلن يعقوب عصيانه وانضم إلى الشيعة وما جاء إلى هنا إلا لتقويض أركان ملكنا والقضاء علينا وإحلال أعدائنا ومخالفينا محلنا أتقرونه على هذا أم لا فقال فريق أنه مصدر رزقنا وكل ما نحن فيه من جاه ونعمة وعظمة سنفعل ما هو فاعل وقال الغالبية لا علم لنا بما يقول أمير المؤمنين وما كنا نحسب أن يعقوب سيخالفه أبدا أما وقد فعل فلن نوافقه بأية حال وعند اللقاء فنحن معك لا معه سنقاتل إلى جانبك وننصرك وكان هؤلاء أمراء خراسان
سر الخليفة لما سمع جواب قادة يعقوب على هذا النحو فأرسل إليه في اليوم التالي برباطة جأش يقول الآن أبديت كفران النعمة فخالفتنا وانحزت إلى مخالفينا السيف بيني وبينك لا تخيفني قلة جندي وكثرة عسكرك فالله عز وجل ناصر الحق معي وذاك الجيش الذي تملك جيشي ثم أمر جيشه بارتداء السلاح فتهيأوا للقتال وأعلنوا النفير وخرجوا من معسكرهم واصطفوا في الصحراء لما سمع يعقوب رسالة الخليفة على ذلك النحو قال الآن أدركت بغيتي ثم أمر هو بإعلان النفير أيضا وامتطى عسكره خيولهم ومضوا إلى الصحراء مجهزين واصطفوا إزاء جيش الخليفة وجاء الخليفة من الجانب الآخر وتمركز في القلب في حين كان يعقوب في الجانب المقابل ثم أمر الخليفة رجلا قوي الصوت أن يقف بين الصفين ويقول بأعلى صوته يا معشر المسلمين اعلموا أن يعقوب بن الليث أعلن العصيان وأن غرضه من المجيء إلى هنا
صفحة ٥٢