88

سير السلف الصالحين

محقق

د. كرم بن حلمي بن فرحات بن أحمد

الناشر

دار الراية للنشر والتوزيع

مكان النشر

الرياض

عَلَى رَأْسِهَا فَسَالَ الدَّمُ، فَلَمَّا رَأَتِ الدَّمَ، بَكَتْ وَقَالَتْ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ مَا كُنْتَ فَاعِلًا فَافْعَلْ، فَقَدْ أَسْلَمْتُ، فَدَخَلْتُ مُغْضَبًا حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى السَّرِيرِ، فَنَظَرْتُ إِلَى الصَّحِيفَةِ وَسْطَ الْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الصَّحِيفَةُ؟ أَعْطِنِيهَا، فَقَالَتْ: لَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا؛ أَنْتَ لَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَلَا تَتَوَضَّأُ وَهَذَا لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ. فَلَمْ أَزَلْ بِهَا حَتَّى أَعْطَتْنِيهَا فَنَظَرْتُ فِيهَا فَإِذَا فِيهَا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَلَمَّا قرأت الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ذُعِرْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَلْقَيْتُ الصَّحِيفَةَ ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي فَأَخَذْتُهَا فَإِذَا فِيهَا ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الحديد: ١] فَكُلَّمَا مَرَّ بِيَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ ذُعِرْتُ مِنْهُ، ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَيَّ نَفْسِي حَتَّى بَلَغْتُ. . ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ [الحديد: ٧] قُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَلَمَّا سَمِعَ الْقَوْمُ خَرَجُوا إِلَيَّ مُبَادِرِينَ فَكَبَّرُوا ثُمَّ قَالُوا: أَبْشِرْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَعَا فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَعِزَّ دِينِكَ بِأَحَبِّ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ، إِمَّا أَبِي جَهْلٍ، وَإِمَّا عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ» ﵁، وَإِنَّا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَكَ، قُلْتُ: أَخْبِرُونِي بِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلَمَّا عَرَفُوا مِنِّي الصِّدْقَ وَأَخْبَرُونِي

1 / 95