الْمُقدمَة
إِن الْحَمد لله نحمده ونستعينه، وَنَسْتَغْفِرهُ ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وسيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، بلغ الرسَالَة وَأدّى الْأَمَانَة وجاهد فِي الله حق جهاده، فصلوات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَمن اتبع هَدْيه إِلَى يَوْم الدّين.
أما بعد؛ فَإِن الْجِهَاد فِي الْإِسْلَام ذرْوَة سنامه، وَهُوَ من أهم مبادئ الْإِسْلَام الْعُظْمَى لِأَنَّهُ سَبِيل عزة هَذِه الْأمة وكرامتها وسيادتها؛ لهَذَا كَانَ فَرِيضَة محكمَة وأمرًا مَاضِيا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَمَا ترك قوم الْجِهَاد إِلَّا ذلوا وصغروا وغزاهم عدوهم فِي دَارهم، ويعد الْجِهَاد من أفضل الْأَعْمَال عِنْد الله، وَلَقَد تمنى الرَّسُول ﷺ أَن يحوز دَرَجَة الشَّهَادَة فِي سَبيله.
وَلَقَد قَرَأت كتاب السّير من كتاب التَّهْذِيب للْإِمَام الْبَغَوِيّ وَلما وجدته لهَذَا الْبَاب من أهمية، ولأهمية كتاب التَّهْذِيب استخرت الله وحققت هَذَا الْجُزْء، راجية من الله ﷾ أَن يتقبله مني ويثقل بِهِ موازيني ووالديّ.
وَآخر دعوانا أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين. وَصلى الله وَسلم على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ.
1 / 235
الإِمَام الْبَغَوِيّ
نسبه ومولده ونشأته وَصِفَاته:
أَبُو مُحَمَّد الْحُسَيْن بن مَسْعُود بن مُحَمَّد الْفراء الْبَغَوِيّ الشَّافِعِي١.
كَانَ أَبوهُ يعْمل الْفراء ويبيعها وإليها نسب٢، وَسمي بالبغوي نِسْبَة إِلَى بَلْدَة من بِلَاد خُرَاسَان بَين مرو وهراة يُقَال لَهَا بغ وبغشور٣، وَقيل بغشور اسْم الْولَايَة، وَاسم الْمَدِينَة بغ٤.
ولقب بعدة ألقاب مِنْهَا:
محيي السّنة٥، وركن الدّين٦، وظهير الدّين٧، وقامع الْبِدْعَة٨،
_________
١ - انْظُر تَرْجَمته: طَبَقَات الْحفاظ للسيوطي ٤٥٧، تَهْذِيب تَارِيخ ابْن عَسَاكِر ٤/٣٤٨، الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة ٢/١٩٣، العبر ٢/٤٠٦، الْأَنْسَاب ١/١٦٤، الرسَالَة المستطرفة ٣٢، التَّقْيِيد ١/٣٠٥، تَتِمَّة الْمُخْتَصر فِي أَخْبَار الْبشر ٢/٣٩، مُعْجم المؤلفين ٤/٦١، مُعْجم الْبلدَانِ ١/٤٦٨، النُّجُوم الزاهرة ٥/٢٢٣، سير أَعْلَام النبلاء ١٩/٤٣٩، الوافي بالوفيات ١٣/٦٣، طَبَقَات الْمُفَسّرين للداودي ١/١٦١، طَبَقَات الْمُفَسّرين للسيوطي ٣٨، تذكرة الْحفاظ ٤/١٢٥٧، طَبَقَات ابْن أبي شُهْبَة ١/٣١٠، طَبَقَات الأسنوي ١/٢٠٦، طَبَقَات ابْن هِدَايَة الله ٢٠٠ شذرات الذَّهَب ٤/٤٨، التَّفْسِير والمفسرون ١/٢٣٤ طَبَقَات السُّبْكِيّ ٤/٢١٤، وفيات الْأَعْيَان ٢/١٣٦ اللّبَاب ١/١٦٤ الْأَعْلَام ٢/٢٥٩ دَائِرَة المعارف الإسلامية ٤/٢٧.
٢ - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء ١٩/٤٤٠، شذرات الذَّهَب ٤/٤٩.
٣ - انْظُر: الْأَنْسَاب ٢/٢٥٤، اللّبَاب ١/١٦٤، مُعْجم الْبلدَانِ ١/٤٦٨، الرسَالَة المستطرفة ٣٢، طَبَقَات الأسنوي ١/٢٠٦ طَبَقَات ابْن هِدَايَة الله ٢٠١، الْأَعْلَام ٢/٢٥٩.
٤ - انْظُر: مِفْتَاح السَّعَادَة ١/٤٧٧.
٥ - انْظُر: الرسَالَة المستطرفة ٣٢، التَّقْيِيد ١/٣٠٥، العبر ٢/٤٠٦.
٦ - انْظُر: طَبَقَات الْمُفَسّرين للسيوطي ٣٨، الرسَالَة المستطرفة ٣٢، طَبَقَات الدَّاودِيّ ١/١٦١، سير أَعْلَام النبلاء ١٩/٤٤١.
٧ - انْظُر: وفيات الْأَعْيَان ٢/١٣٦.
٨ - انْظُر: مشكاة المصابيح ١/٣.
1 / 236
وَشَيخ الْإِسْلَام١.
ولد الإِمَام الْبَغَوِيّ فِي جُمَادَى الأولى سنة ٤٣٣هـ٢، وَقيل: سنة ٤٣٦هـ٣ وَاخْتلفت المصادر فِي الْمدَّة الَّتِي عاشها فبعض ذكر أَنه عَاشَ بضعًا وَسبعين سنة٤ وَالْبَعْض ذكر أَنه جَاوز الثَّمَانِينَ٥، وَبَعضهَا الآخر ذكر أَنه أشرف على التسعين٦.
ويبدو أَنه نَشأ فِي بَلْدَة بغشور، وتلقى مبادئ الْعلم فِيهَا، ثمَّ رَحل إِلَى مرو الروذ؛ ليتلقى الْعلم على أَيدي علمائها، وَهُنَاكَ التقى بإمامها فِي ذَلِك الْعَصْر القَاضِي حُسَيْن بن مُحَمَّد الْمروزِي، فتتلمذ عَلَيْهِ، ونهل من علمه، ودرس عَلَيْهِ الْمَذْهَب الشَّافِعِي.
وَلم يكتف بِأخذ الْعلم من مرو الروذ بل نرَاهُ يُوسع دَائِرَة رحلاته إِلَى بِلَاد أُخْرَى لم تذكر لنا كتب التراجم أسماءها، وَلَكِن أجمل ذَلِك ابْن تغري بردي حَيْثُ قَالَ: "رَحل إِلَى الْبِلَاد وَسمع الْكثير.."٧.
وَمَعَ كَثْرَة رحلاته لم يذهب إِلَى بَغْدَاد، كَمَا أَنه لم يذهب إِلَى أَرض الْحَرَمَيْنِ وَلم يحجّ. وانْتهى بِهِ الْمقَام فِي مرو الروذ حَتَّى توفّي فِيهَا فِي شَوَّال سنة ٥١٦هـ.
وَكَانَ ﵀ ذَا علم غزير أثر فِي أخلاقه وسلوكه الشخصي؛ إِذْ إِنَّه لم يجرد هَذَا الْعلم عَن الْعَمَل بل كَانَ جَامعا بَينهمَا.
_________
١ - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء ١٩/٤٣٩.
٢ - انْظُر: مُعْجم الْبلدَانِ ١/٤٦٨.
٣ - انْظُر: الْأَعْلَام ٢/٢٥٩.
٤ - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء ١٩/٤٤٢، مُعْجم المؤلفين ٤/٦١.
٥ - انْظُر: تذكرة الْحفاظ ٤/١٢٥٨، طَبَقَات الْمُفَسّرين للسيوطي ٣٩، طَبَقَات ابْن قَاضِي شُهْبَة ١١/٣، شذرات الذَّهَب ٤/٤٩، التَّفْسِير والمفسرون ١/٣٣٥، مُعْجم المؤلفين ٤/٦١.
٦ - انْظُر: طَبَقَات السُّبْكِيّ ٤/٢١٥.
٧ - انْظُر: النُّجُوم الزاهرة ٥/٢٢٣.
1 / 237
يَقُول ابْن السُّبْكِيّ: "كَانَ إِمَامًا جَلِيلًا ورعًا زاهدًا فَقِيها مُحدثا مُفَسرًا جَامعا بَين الْعلم وَالْعَمَل"١.
شُيُوخه وتلاميذه٢:
أَولا: شُيُوخه:
تتلمذ الإِمَام الْبَغَوِيّ عَليّ شُيُوخ أجلاء فِي التَّفْسِير، والْحَدِيث، وَالْفِقْه مِنْهُم:
القَاضِي الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الْمروزِي٣، وَأَبُو عمر عبد الْوَاحِد المليحي٤، وَأَبُو الْحسن عَليّ بن يُوسُف الْجُوَيْنِيّ٥، وَحسان بن مُحَمَّد المنيعي٦، وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن الْهَيْثَم الترابي٧، وَأَبُو بكر يَعْقُوب بن أَحْمد الصَّيْرَفِي٨، وَأَبُو الْحسن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الدَّاودِيّ٩.
_________
١ - انْظُر: طَبَقَات السُّبْكِيّ ٤/٢١٤.
٢ - انْظُر شُيُوخه وتلاميذه: مُقَدّمَة مصابيح السّنة ١/٣٧، ومقدمة الْأَنْوَار فِي شمائل النَّبِي الْمُخْتَار ١/٦٨.
٣ - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء ١٨/٢٦٠، طَبَقَات الْعَبَّادِيّ ١١٢، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات ١/١٦٤، تبصير المنتبه ٤/١٣٥٧.
٤ - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء ١٨/٢٥٥، اللّبَاب ٣/٢٥٦، تذكرة الْحفاظ ٣/١١٣١، بغية الوعاة ٢/١١٩.
٥ - انْظُر تَرْجَمته: طَبَقَات الأسنوي ١/٣٤٠، شذرات الذَّهَب ٣/٢٦٢.
٦ - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء ١٨/٢٦٥، المنتظم ٨/٢٧٠، الْكَامِل فِي التَّارِيخ ١٠/٦٩، الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة ١٢/١٠٣.
٧ - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء ١٨/٢٥١، الْأَنْسَاب ٣/٣٥، الْإِكْمَال ١/٥٣٤.
٨ - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء ١٨/٢٤٥، تذكرة الْحفاظ ٣/١١٦٠، العبر ٣/٦٢، شذرات الذَّهَب ٣/٣٢٥.
٩ - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء ١٨/٢٢٢، المنتظم ٨/٢٩٦، النُّجُوم الزاهرة ٥/٩٩، فَوَات الوفيات ٢/٥٦.
1 / 238
ثَانِيًا: تلاميذه:
أَبُو عَليّ الْحسن بن مَسْعُود الْبَغَوِيّ١، أَبُو الْفتُوح مَسْعُود بن أَحْمد ابْن يُوسُف الْخَطِيب البامنجي٢، وَأَبُو الْفتُوح مُحَمَّد بن مُحَمَّد الطَّائِي٣، وَأَبُو عَمْرو عُثْمَان بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُوسَى الشَّاشِي الفاشاني٤، وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد الشَّاشِي الفاشاني٥، وَأَبُو مَنْصُور مُحَمَّد ابْن أسعد العطاري الْمَعْرُوف بحفدة٦، وَأَبُو المكارم فضل الله بن محمدالنوقاني٧.
مؤلفاته:
كَانَ الْبَغَوِيّ ﵀ مُفَسرًا، ومحدثًا، وفقيهًا، وعالمًا بالقراءات وبسيرة النَّبِي ﷺ، وَقد شملت مؤلفاته كل تِلْكَ الْعُلُوم.
قَالَ عَنهُ السُّبْكِيّ: "وَقدره عَال فِي الدّين، وَفِي التَّفْسِير، وَفِي الحَدِيث، وَفِي الْفِقْه ... "٨.
وَمن مؤلفاته فِي الْقُرْآن الْكَرِيم وعلومه:
_________
١ - انْظُر تَرْجَمته: التحبير ١/٢١٣، سير أَعْلَام النبلاء ١٩/٤٤٢.
٢ - انْظُر تَرْجَمته: التحبير ٢/٢٩٧، طَبَقَات السُّبْكِيّ ٧/٢٩٦.
٣ - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء ٢/٣٦٠، النُّجُوم الزاهرة ٥/٣٣٣، الوافي بالوفيات ١/١٤٤، العبر ٤/١٥٩.
٤ - انْظُر تَرْجَمته: الحبير ٢/١٧٤، طَبَقَات السُّبْكِيّ ٦/١٦٥.
٥ - انْظُر تَرْجَمته: التحبير ٢/٢٩٧، طَبَقَات السُّبْكِيّ ٧/٢٩٦.
٦ - انْظُر تَرْجَمته: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة ١٢/٢٩٩، وفيات الْأَعْيَان ٣/٣٧٣، شذرات الذَّهَب ٤/٢٤٠.
٧ - انْظُر تَرْجَمته: سير أَعْلَام النبلاء ٢١/٤١٣، طَبَقَات السُّبْكِيّ ٨/٣٤٩.
٨ - انْظُر: طَبَقَات السُّبْكِيّ ٤/٢١٥.
1 / 239
١ - معالم التَّنْزِيل فِي التَّفْسِير١ مطبوع٢.
٢ - الْكِفَايَة فِي علم الْقِرَاءَة٣ "مخطوط"٤.
٣ - مُشكل الْقُرْآن.
ذكره مُحَقّق الأنوارفي شمائل النَّبِي المختارللبغوي نقلا عَن ابْن الفوطي ٥.
مؤلفاته فِي الحَدِيث:
١ - مصابيح السّنة٦"مطبوع"٧.
_________
١ - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء ١٩/٤٤٠، مُعْجم الْبلدَانِ ١/٤٦٨، طَبَقَات السُّبْكِيّ ٤/٢١٤. مرقاة المفاتيح ١/١٠، مُعْجم المؤلفين ٤/٦١، الْأَعْلَام ٢/٢٥٩.
٢ - طبع على الْحجر فِي بومباي عَام ١٢٦٩م، وطبع أَيْضا على الْحجر فِي فَارس من دون تَارِيخ فِي أَرْبَعَة أَجزَاء وأعيد طبعه فِي بومباي عَام ١٢٩٦م /١٣٠٩هـ وطبع فِي الْقَاهِرَة عَام ١٣٠٥هـ وعام ١٣٣١هـ على هَامِش لباب التَّأْوِيل للخازن، وَسنة ١٣٤٥هـ على هَامِش تفسيرابن كثير، وطبع فِي دَار الفكرفي بيروت عَام١٤٠٤هـ. قلت: وَقد قَامَ بتحقيقه مُؤَخرا الأستاذان خَالِد العك، ومروان سوار ونشرته دَار الْمعرفَة فِي بيروت عَام ١٤٠٦هـ فِي ٤ مجلدات.
٣ - انْظُر: كشف الظنون ٢/١٤٩٩، هَدِيَّة العارفين ١/٣١٢.
٤ - الْكتاب مَوْجُود فِي مكتبة الْأَوْقَاف الْعَامَّة فِي الْموصل ضمن الْمَجْمُوع ٣٧/١٦.
انْظُر: فهرس مخطوطات مكتبة الْأَوْقَاف الْعَامَّة بالموصل.
٥ - انْظُر: مُقَدّمَة الْأَنْوَار فِي شمائل النَّبِي الْمُخْتَار١/٦٨.
٦ - انْظُر: طَبَقَات الْحفاظ للسيوطي ٤٥٧، تَهْذِيب ابْن عَسَاكِر ٤/٣٤٨، تَتِمَّة الْمُخْتَصر ٢/٣٩، التَّقْيِيد ١/٣٠٥، مِفْتَاح السَّعَادَة ١/٤٧٧، طَبَقَات ابْن قَاضِي شُهْبَة ١/٣١١ التَّفْسِير والمفسرون ١/٢٥٣.
٧ - الْكتاب مطبوع فِي جزأين فِي بولاق عَام ١٢٩٤هـ وَمَعَهُ موطأ مَالك، وطبع فِي جزأين بِمصْر عَام ١٣١٨هـ، وَقد أُعِيد تَصْوِير الطبعة البولاقية بدار الْقَلَم فِي بيروت مُؤَخرا مُجَرّدَة من موطأ مَالك. قلت: وَقد طبع مُؤَخرا بدار الْمعرفَة ببيروت بتحقيق الدكتور يُوسُف مرعشلي، وَمُحَمّد سليم سماره، وجمال حمدي الذَّهَبِيّ سنة ١٤٠٧هـ.
انْظُر: مُقَدّمَة تَحْقِيق مصابيح السّنة ١/٥٤.
1 / 240
٢ - شرح السّنة١ "مطبوع"٢.
٣ - شرح الْجَامِع لِلتِّرْمِذِي٣ "مخطوط"٤.
٤ - الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ٥. وَالْكتاب لم أَقف عَلَيْهِ.
٥ - الْمدْخل إِلَى مصابيح السّنة٦ "مخطوط"٧.
٦ - الْأَرْبَعين حَدِيثا٨ أَو الْأَرْبَعين الصَّغِير٩ "مخطوط".
٧ - الْأَنْوَار فِي شمائل النَّبِي الْمُخْتَار١٠ "مطبوع"١١.
٨ - مُعْجم الشُّيُوخ١٢ "مخطوط".
_________
١ - انْظُر: مُعْجم الْبلدَانِ ١/٤٦٨، طَبَقَات الْحفاظ للسيوطي ٤٥٧، تذكرة الْحفاظ ٤/١٢٥٧، طَبَقَات الْمُفَسّرين للسيوطي ٣٩، وفيات الْأَعْيَان ٢/١٣٦ الوافي بالوفيات ١٣/٦٣.
٢ - الْكتاب مطبوع بتحقيق شُعَيْب الأرناؤوط، وَزُهَيْر الشاويش، نشره الْمكتب الإسلامي ببيروت عَام ١٣٩٠هـ فِي ١٦ مجلدا.
٣ - انْظُر: تَارِيخ الْأَدَب الْعَرَبِيّ ٦/٢٤٥.
٤ - الْكتاب مازال مخطوطًا، وتوجد مِنْهُ نُسْخَة مخطوطة بِالْمَدِينَةِ المنورة. انْظُر: مُقَدّمَة تَحْقِيق مصابيح السّنة ١/٤٥.
٥ - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء ١٩/٤٤٠، طَبَقَات الْمُفَسّرين للسيوطي ٣٩، طَبَقَات الْمُفَسّرين للداودي ١٦١، شذرات الذَّهَب ٤/٤٩، طَبَقَات ابْن قَاضِي أبي شُهْبَة ١/٣١١.
٦ - انْظُر: تَارِيخ الْأَدَب الْعَرَبِيّ ٦/٢٣٥.
٧ - انْظُر مُقَدّمَة تَحْقِيق مصابيح السّنة ٤٦. تُوجد نُسْخَة مخطوطة من الْكتاب فِي مكتبة قولة بِالْقَاهِرَةِ.
٨ - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء ١٩/٤٤٠.
٩ - انْظُر: التحبير ١/٤٥٩.
١٠ - انْظُر: مُعْجم المؤلفين ٤/٦١، هَدِيَّة العارفين ١/٣١٢، وَقد أسماه إرشاد الْأَنْوَار فِي شمائل النَّبِي الْمُخْتَار.
١١ - طبع الْكتاب بتحقيق الشَّيْخ إِبْرَاهِيم اليعقوبي، نشرته دَار الضياء للطباعة والنشر بيروت، الطبعة الأولى سنة ١٤٠٩هـ.
١٢ - ذكره الْبَغْدَادِيّ فِي هَدِيَّة العارفين، وَتَبعهُ بروكلمان فِي تَارِيخ الْأَدَب الْعَرَبِيّ لكنه أَخطَأ بِذكر الْمصدر الَّذِي نَص على الْكتاب فَقَالَ: ذكره ابْن حجر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب وَالْوَاقِع أَن الَّذِي ذكره ابْن حجر هُوَ مُعْجم الصَّحَابَة لأبي الْقَاسِم الْبَغَوِيّ. انْظُر هَدِيَّة العارفين ٥/٣١٢، تَارِيخ الْأَدَب الْعَرَبِيّ ٦/٢٤٦، مُقَدّمَة تَحْقِيق مصابيح السّنة ١/٤٧.
1 / 241
مؤلفاته فِي الْفِقْه:
١ - التَّهْذِيب١.
٢ - الْفَتَاوَى٢ "مخطوط"٣.
٣ - التَّعْلِيق على فَتَاوَى شَيْخه القَاضِي حُسَيْن٤ "مخطوط"٥.
٤ - تَرْجَمَة الْأَحْكَام فِي الْفُرُوع٦، مَكْتُوب بِالْفَارِسِيَّةِ.
٥ - الْكِفَايَة فِي الْفُرُوع٧ (مَكْتُوب بالأعجمية) .
_________
١ - بالرغم من أهمية الْكتاب إِلَّا أَنه لم يزل مخطوطًا لم يُحَقّق مِنْهُ - حسب علمي - إِلَّا كتبا الطَّهَارَة وَالصَّلَاة، قَامَ بتحقيقه عبد الله بن مُعتق بن عناية الله السهلي، نَالَ بِهِ دَرَجَة الدكتوراه فِي الْفِقْه من كُلية الشَّرِيعَة بالجامعة الإسلامية بِالْمَدِينَةِ المنورة سنة ١٤٠٩هـ، وَقمت بتحقيق كتاب الْحُدُود مِنْهُ، وسأتبعه بِإِذن الله بتحقيق كتاب الْجِزْيَة، كَمَا قَامَ بتحقيق كتاب أدب القَاضِي مِنْهُ الدكتور إِبْرَاهِيم بن على صندقجي الْأُسْتَاذ بكلية الشَّرِيعَة فِي الجامعة الاسلامية بِالْمَدِينَةِ المنورة.
٢ - انْظُر: طَبَقَات السُّبْكِيّ ٤/٢١٤، طَبَقَات الْمُفَسّرين للداودي ١٦٢، كشف الظنون ٢/١٢٢١.
٣ - ذكر بروكلمان وجود نُسْخَة مخطوطة مِنْهُ فِي المكتبة السليمانية رقم ٦٧٥/٣. انْظُر: تَارِيخ الْأَدَب الْعَرَبِيّ ٦/٢٤٦.
٤ - انْظُر: طَبَقَات السُّبْكِيّ ٤/٢١٤، طَبَقَات الْمُفَسّرين للداودي ١٦٢.
٥ - توجدنسخة مخطوطة مِنْهُ فِي المكتبةالظاهرية بِدِمَشْق رقم (٢٣١١) (٣٧٤) فقه الشَّافِعِي. انْظُر: مُقَدّمَة تَحْقِيق مصابيح السّنة ١/٤٦، مُقَدّمَة تَحْقِيق الْأَنْوَار فِي شمائل النَّبِي الْمُخْتَار ١/٦٦.
٦ - انْظُر: كشف الظنون ١/٣٩٧، هَدِيَّة العارفين ١/ ٣١٢.
٧ - انْظُر: كشف الظنون ١/٣٩٧، هَدِيَّة العارفين ١/٣١٢.
1 / 242
٦ - شرح الْمُخْتَصر١.
عقيدته ومكانته العلمية:
كَانَ الْبَغَوِيّ من أَئِمَّة أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، سائرًا على عقيدتهم مقتديًا بسيرتهم، وَيظْهر ذَلِك فِي تَفْسِيره حَيْثُ يُورد رَأْي أهل السّنة وينصر رَأْيهمْ فِي بَيَان تِلْكَ الْآيَات الَّتِي تتصل بالعقيدة ردا على الْمُعْتَزلَة فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ٢ وَشهد بِصِحَّة عقيدته الإِمَام الذَّهَبِيّ حَيْثُ قَالَ: " ... على منهاج السّلف حَالا وعقدًا "٣.
وَقَالَ صَاحب مِفْتَاح السَّعَادَة: (صَحِيح العقيدة فِي الدّين) ٤.
أما مكانته العلمية، فقد كَانَ بحرًا فِي الْعُلُوم ٥، مُجْتَهدا٦، من أَصْحَاب الْوُجُوه فِي الْمَذْهَب الشَّافِعِي، وَمن أَئِمَّة أهل النَّقْل٧.
وَقد برع فِي عُلُوم الْقُرْآن وَالسّنة وَالْفِقْه حَتَّى أضحى عَلامَة زَمَانه فِيهَا٨ وتنافس الْعلمَاء فِي تَحْصِيل كتبه ورزق فِيهَا الْقبُول التَّام لحسن قَصده
_________
١ - انْظُر: كشف الظنون ٢/١٤٩٩، هَدِيَّة العارفين ٥/٣١٢.
٢ - انْظُر: الْبَغَوِيّ ومنهجه فِي التَّفْسِير ١٣١.
٣ - انْظُر: سير أَعْلَام النبلاء ١٩/٤٤١.
٤ - انْظُر: مِفْتَاح السَّعَادَة ٢/١٢٧.
٥ - انْظُر: تَهْذِيب ابْن عَسَاكِر٤/٣٤٨، تَتِمَّة الْمُخْتَصر٢/٣٩، وفيات الْأَعْيَان٢/١٣٦، الوافي بالوفيات ١٣/٦٣.
٦ - انْظُر: طَبَقَات الْحفاظ للسيوطي ٤٥٧، وَتَذْكِرَة الْحفاظ ٤/١٢٥٧.
٧ - انْظُر: التَّقْيِيد ١/٣٠٥.
٨ - انْظُر: التَّقْيِيد ١/٣٠٥.
1 / 243
وَصدق نِيَّته.
وَقَالَ عَليّ الْقَارِي: "من أَصْحَاب الْوُجُوه، قَالَ بعض مشائخنا لَيْسَ لَهُ قَول سَاقِط"١.
قَالَ السُّبْكِيّ: "وَقدره عَال فِي الدّين، وَفِي التَّفْسِير، وَفِي الحَدِيث، وَفِي الْفِقْه متسع الدائرة نقلا وتحقيقًا، كَانَ الشَّيْخ الإِمَام يجل مِقْدَاره جدا، ويصفه بالتحقيق مَعَ كَثْرَة النَّقْل، وَقَالَ فِي بَاب الرَّهْن من تَكْمِلَة شرح الْمُهَذّب، "اعْلَم أَن صَاحب التَّهْذِيب قَلَّ أَن رَأَيْنَاهُ يخْتَار شَيْئا إِلَّا وَإِذا بحث عَنهُ وجد أقوى من غَيره، هَذَا مَعَ اخْتِصَار كَلَامه"، وَهُوَ يدل على نبل كَبِير وَهُوَ حري بذلك فَإِنَّهُ جَامع لعلوم الْقُرْآن وَالسّنة وَالْفِقْه٢.
أهمية الْكتاب وأثره فِي كتب الْمَذْهَب:
يعد كتاب التَّهْذِيب من الْكتب المهمة وَالْقيمَة فِي الْمَذْهَب الشَّافِعِي، فقد ذكر فِيهِ الْبَغَوِيّ جملَة من منصوصات الإِمَام الشَّافِعِي وَكثير من تفريعات أَصْحَابه خرجوها على أُصُوله وَذكر فِيهِ من أقاويل الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن تَبِعَهُمْ من الْعلمَاء مَا لَا يَسْتَغْنِي عَن مَعْرفَتهَا المترصد للْفَتْوَى، وَلم يخل الْكتاب من اختياراته واستنباطاته وترجيحاته مِمَّا جعل كثيرا من أَئِمَّة الْمَذْهَب يكثرون النَّقْل مِنْهُ، فقد نقل عَنهُ الإِمَام النَّوَوِيّ فِي كِتَابيه شرح الْمُهَذّب وروضة الطالبين، وَابْن الرّفْعَة فِي كِفَايَة النبيه وَالْمطلب العالي، والخطيب الشربيني فِي مُغنِي الْمُحْتَاج، والرملي فِي نِهَايَة الْمُحْتَاج، وَابْن حجر فِي تحفة الْمُحْتَاج، والأردبيلي فِي الْأَنْوَار وَغَيرهم.
وَهَذَا إِنَّمَا يدل على أهمية الْكتاب ومكانته فِي كتب الْمَذْهَب.
_________
١ - انْظُر: من مرقاة المفاتيح ١/١٠.
٢ - انْظُر طَبَقَات السُّبْكِيّ ٤/٢١٥.
1 / 244
مَنْهَج الْبَغَوِيّ فِي الْكتاب:
اتبع الْبَغَوِيّ فِي كِتَابه الْمنْهَج الْآتِي:
١ - قسم الْكتب إِلَى أَبْوَاب تندرج تحتهَا فُصُول.
٢ - يعنون للأبواب والفصول غَالِبا.
٣ - يبْدَأ الْأَبْوَاب والفصول - غَالِبا - بآيَات وَأَحَادِيث.
٤ - يقوم بشرح الْمَسْأَلَة مستوعبًا الْمَذْهَب وَيذكر - فِي بعض الأحيان - الْأَقْوَال وَالْأَوْجه وَيُشِير - أَحْيَانًا - لقائليها.
٥ - امتاز الْكتاب بترتيب الْمسَائِل والتوسع فِي نقل الْفُرُوع مَعَ حسن التَّصَرُّف والبحث الدَّقِيق.
٦ - قد يكون فِي الْمَسْأَلَة أَكثر من قَول أَو وَجه أَو طَريقَة، فَيقْتَصر على قَول وَاحِد أَو يقطع بِالطَّرِيقِ الَّذِي فِيهِ قَول وَاحِد أَو الطَّرِيق الَّذِي فِيهِ قَولَانِ.
٧ - يرجح فِي بعض الأحيان بَين الْأَقْوَال أَو الْأَوْجه بقوله "وَهُوَ الْأَصَح"، "وعندى".
٨ - يذكر الِاخْتِلَاف بَين مذْهبه والمذاهب الْأُخْرَى وبخاصة الْمَذْهَب الْحَنَفِيّ كَمَا يذكر أَقْوَال الْأَئِمَّة كالثوري، وَالزهْرِيّ، وَالنَّخَعِيّ.
مَنْهَج التَّحْقِيق:
١ - مُقَابلَة النّسخ مَعَ بَعْضهَا مَعَ الْإِشَارَة فِي الْهَامِش إِلَى الفروق، ومراعاة قَوَاعِد الْإِمْلَاء الحديثة.
٢ - وضع النَّص القرآني بَين قوسين وتشكيله وَالْإِشَارَة إِلَى السُّورَة الَّتِي جَاءَت فِيهَا الْآيَة، ورقم الْآيَة.
٣ - تَخْرِيج الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة، وَبَيَان دَرَجَة الحَدِيث مَا أمكن.
٤ - تَخْرِيج الْآثَار من أَقْوَال الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ.
٥ - شرح الْكَلِمَات الغريبة.
٦ - تَرْجَمَة جَمِيع الْأَعْلَام الْوَارِدَة فِي المخطوطة.
٧ - الْإِشَارَة إِلَى بداية كل لوحة.
1 / 245
٨ - تَحْقِيق الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة على النَّحْو التَّالِي:
أ - إِذا ذكر حكما مُتَّفقا عَلَيْهِ عِنْد الشَّافِعِيَّة، أكتفي بِذكر بعض المراجع الْفِقْهِيَّة الْمُعْتَمدَة فِي الْمَذْهَب توثيقًا لما أوردهُ الْمُؤلف.
ب - إِذا ذكر قولا أَو وَجها أَو طَرِيقا فِي مَسْأَلَة، وَوجدت قَوْلَيْنِ أَو عدَّة أوجه، أَو أَكثر من طَرِيق فإنني أذكرها، وأذكر الْقَائِلين بهَا فِي أَكثر الأحيان، وَالصَّحِيح مِنْهَا إِذا وجدت تَرْجِيحا.
ج - إِذا ذكر أقوالًا للمذاهب الْأُخْرَى، فإنني أقوم بتحقيقها بِالرُّجُوعِ إِلَى كتب كل مَذْهَب مَعَ ذكرهَا توثيقًا لما ورد.
د - إِذا ذكر أقوالًا للثوري أَو الْأَوْزَاعِيّ رجعت إِلَى مظانه كالمجموع وَغَيره من كتب الْفِقْه الْمُقَارن توثيقًا لهَذِهِ الْأَقْوَال.
٨ - ضمنت آخر الْكتاب فهرسين تفصيلية بيانهما؛ هما:
١ - فهرس المراجع.
٢ - فهرس الموضوعات.
ثَانِيًا: وصف النّسخ المخطوطة:
- النُّسْخَة الأولى:
وَهِي نُسْخَة يُوجد مِنْهَا الْجُزْء الرَّابِع فِي مكتبة أَحْمد الثَّالِث بتركيا تَحت رقم (٨٧٠) .
وَعدد لوحاتها (٣٢٤) لوحة، تحتوي كل صفحة على ٢٥ سطرًا تتراوح كَلِمَات كل سطر مَا بَين (١٣ - ١٦) كلمة، وَعدد لوحات الْجُزْء الْمُحَقق (١٣) لوحة.
وَقد كتب هَذَا الْجُزْء بقلم نسخ مُعْتَاد، وَلم يذكر النَّاسِخ اسْمه أَو تَارِيخ النّسخ وَهَذِه النُّسْخَة خَالِيَة من الْحَوَاشِي والتعليقات.
يبْدَأ هَذَا الْجُزْء بِكِتَاب الْقصاص، وَيَنْتَهِي بِكِتَاب أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَلَقَد رمزت لهَذِهِ النُّسْخَة برمز (أ) .
1 / 246
- النُّسْخَة الثَّانِيَة:
وَهِي نُسْخَة يُوجد مِنْهَا مجلدان فِي المكتبة الظَّاهِرِيَّة.
وَقد تمكنت بِفضل الله من تَصْوِير الْجُزْء الرَّابِع بأكمله وَهُوَ الَّذِي يشْتَمل على الْجُزْء الْمُحَقق.
وَوضع تَحت رقم (٢٢٢٩) (٢٩٢ فقه الشَّافِعِي) .
وَعدد لوحاته (٣٦١) لوحة، تحتوي كل صفحة على (٢٥) سطرًا وتتراوح كَلِمَات كل سطر بَين (١١ - ١٥) كلمة، وَعدد لوحات الْجُزْء الْمُحَقق (١٣) لوحة.
وَقد كتب الْجُزْء بِخَط وَاحِد وبقلم نسخ جميل وَقد ذكر اسْم ناسخه عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحُسَيْن، وَمَكَان تَارِيخ نسخه فِي شهر رَجَب من سنة (٥٩٩هـ) .
وَقد جَاءَ بِآخِرهِ بِخَط مُخْتَلف فهرس تفصيلي لمحتويات هَذَا الْجُزْء وَدون على اللوحة الأولى بعض التمكينات والوقفيات للجزء.
يبْدَأ هَذَا الْجُزْء بِكِتَاب الْقصاص وَيَنْتَهِي بِكِتَاب عتق أُمَّهَات الْأَوْلَاد. وَقد رمزت لهَذِهِ النُّسْخَة برمز (ظ) .
- النُّسْخَة الثَّالِثَة:
وَهِي النُّسْخَة المحفوظة بدار الْكتب المصرية تَحت رقم (٤٨٨ فقه شَافِعِيّ) وَيَقَع الْجُزْء الْمُحَقق فِي الْجُزْء التَّاسِع، وَعدد لوحاته (١١٦) تحتوي كل صفحة على (٢٠) سطر وتتراوح كَلِمَات كل سطر بَين (١١_١٢) كلمة، وَعدد لوحات الْجُزْء الْمُحَقق (١٧) لوحة.
وَقد كتبت هَذِه النُّسْخَة بِخَط مُعْتَاد غير منقوط.
وَيبدأ هَذَا الْجُزْء بِكِتَاب قتال أهل الْبَغي، وَيَنْتَهِي بِبَاب النذور.
وَقد رمزت لَهَا برمز (د) .
1 / 247
بَاب: فرض الْجِهَاد:
فصل: فِي حكم الْجِهَاد
...
كتاب السّير١
بَاب فرض الْجِهَاد٢.
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم٣.
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لّكُمْ﴾ ٤ الْآيَة.
وَقَالَ جلّ ذكره: ﴿انْفِرُوْا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأمْوَالِكُمْ وأنْفُسِكُمْ فِي سَبِيِل الله﴾ ٥.
كَانَ الْقِتَال مَعَ الْمُشْركين مَمْنُوعًا عَنهُ٦ فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام بل كَانَ يلْزمهُم الصَّبْر على أَذَى الْمُشْركين٧.
_________
١ - السِّيرَة: الطَّرِيقَة وَالْمَقْصُود - هُنَا - أَحْكَام الْجِهَاد المتلقى تَفْصِيله من سير النَّبِي ﷺ فِي غَزَوَاته، وَترْجم بَعضهم بِالْجِهَادِ، وَبَعْضهمْ بِقِتَال الْمُشْركين. انْظُر - سير - الْمِصْبَاح الْمُنِير ٢٩٨، النّظم المستعذب ٢/٢٢٧، نِهَايَة الْمُحْتَاج ٨/٤١، شرح الْمحلي على الْمِنْهَاج ٤/٢١٣، تحفة الطلاب ٢/٤٠٢، شرح روض الطَّالِب ٤/١٧٤، فتح المنان ٤٢٥.
٢ - الْجِهَاد مُشْتَقّ من الْجهد: وَهُوَ الْمَشَقَّة. يُقَال: أجهد دَابَّته: إِذا حمل عَلَيْهَا فِي السّير فَوق طاقتها، وَقيل: هُوَ الْمُبَالغَة واستفراغ مَا فِي الوسع. يُقَال جهد الرجل فِي كَذَا. أَي: جد فِيهِ وَبَالغ، وَقَالَ قوم: سمي الْجِهَاد جهادًا من اللَّبن المجهود: وَهُوَ الَّذِي أُخِذَ زُبْدهَ، فَكَذَلِك الْجِهَاد لِشِدَّتِهِ يسْتَخْرج قُوَّة القوى. الْجِهَاد شرعا: عبارَة عَن قتال الْكفَّار خَاصَّة.
انْظُر: حلية الْفُقَهَاء ٢٠١، النّظم المستعذب ٢/٢٢٧، الدّرّ النقي ٣/٧٦٦.
٣ - (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) سَاقِطَة من د.
٤ - سُورَة الْبَقَرَة آيَة (٢١٦) .
٥ - سُورَة التَّوْبَة آيَة (٤١.
٦ - فِي ظ: (عَلَيْهِ) .
٧ - انْظُر: تَفْسِير الطَّبَرِيّ ٥/١٧١، زَاد الْمسير ٢/١٣٤.
1 / 248
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلى الّذِينَ قِيلَ لَهُمُ كُفُوا أَيْدِيَكْمْ﴾ ١.
وَقَالَ: ﴿لتُبْلَوُنّ فِي أَمْوَالِكُمْ وأَنفُسِكُم﴾ إِلَى قَوْله تَعَالَى:٢ ﴿وَإِن تَصْبِرُوا وَتتَّقُوا فَإِنّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ ٣.
فَلَمَّا هَاجر رَسُول الله ٤ ﷺ إِلَى الْمَدِينَة وَجَبت ٥ الْهِجْرَة على من قدر عَلَيْهَا وَمن لم يقدر عذره الله تَعَالَى ٦.
_________
١ - سُورَة النِّسَاء آيَة (٧٧) .
(تَعَالَى) سَاقِطَة من ظ.
٣ - سُورَة آل عمرَان آيَة (١٨٦) .
٤ - فِي د: (النَّبِي) .
٥ - فِي ظ (وَوَجَبَت) .
٦ - حكم الْهِجْرَة بعد هِجْرَة الرَّسُول ﷺ من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة مُخْتَصَّة بِالْوُجُوب دون الْإِبَاحَة لِأَنَّهَا هِجْرَة إِلَى الرَّسُول فقد كَانَت هِجْرَة من أسلم بِمَكَّة قبل الْفَتْح إِلَيْهِ وهم فِيهَا على ثَلَاثَة أَقسَام:
- أَحدهَا: من كَانَ مِنْهُم فِي سَعَة بِمَال وعشيرة لَا يخَاف على نَفسه وَلَا على دينه كالعباس ابْن عبد الْمطلب فَمثل هَذَا قد كَانَ مَأْمُورا بِالْهِجْرَةِ ندبا وَلم تجب عَلَيْهِ حتما.
- وَالْقسم الثَّانِي: من خَافَ على نَفسه أَو دينه وَهُوَ قَادر على الْخُرُوج بأَهْله وَمَاله فَهَذَا قد كَانَت الْهِجْرَة عَلَيْهِ وَاجِبَة وَهُوَ بالتأخر عَنْهَا عَاص، لِأَنَّهُ يتَعَرَّض بالْمقَام للأذى وَيمْتَنع بالتأخر عَن النُّصْرَة.
- وَالْقسم الثَّالِث: من خَافَ على نَفسه أَو دينه وَهُوَ غير قَادر على الْخُرُوج بِنَفسِهِ وَأَهله إِمَّا لضعف حَال أَو عجز بدن، فَهَذَا مِمَّن لم يكن على مثله فِي الْمقَام حرج وَلَا مأثم وَهُوَ بالتأخر عَن الْهِجْرَة مَعْذُور. انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي ٦٠٧، بَحر الْمَذْهَب ورقة ١٦٨ من كتاب السّير.
1 / 249
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿إِنَّ الّذِينَ توَفّاهُمُ١ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوْا فِيمَ كُنتُمْ﴾ إِلَى قَوْله: ﴿قَالُوا٢ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهاجُروا فِيها﴾ ٣.
إِلَى قَوْله: ﴿إِلاَّ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الّرِجَالِ وَالِنّساءِ وَاْلوِلْدانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلا﴾ ٤.
وَقطع الله الْولَايَة ٥ يين من هَاجر وَبَين ٦ من لم يُهَاجر فَقَالَ جلّ ذكره: ﴿وَالّذَيِنَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَالَكُم مِن وَلاَيَتِهم مِن شَيء حَتّى يُهَاجِروا﴾ ٧ إِلَى أَن فتحت مَكَّة ٨ ارْتَفع وجوب الْهِجْرَة من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة.
رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس ٩ رضى الله عَنهُ ١٠ أَن النَّبِي ﷺ قَالَ يَوْم الْفَتْح١١:
_________
١ - فِي ظ: (توفتهم) .
(قَالُوا) سَاقِطَة من د.
٣ - سُورَة النِّسَاء آيَة (٩٧) .
٤ - سُورَة النِّسَاء آيَة (٩٨) .
٥ - يَعْنِي توليهم فِي الْمِيرَاث وَإِن كَانُوا أقرب ذَوي قرابتكم. انْظُر: النكت والعيون ٢/١١٤، روح الْمعَانِي ٩/٣٨.
٦ - فِي ظ: (بَين من هَاجر وَمن لم يُهَاجر) .
٧ - سُورَة الانفال آيَة (٧٢) .
٨ - فتحت مَكَّة فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان من الْهِجْرَة. انْظُر الطَّبَقَات الْكُبْرَى لِابْنِ سعد ٢/١٣٤.
٩ - عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو الْعَبَّاس، حبر الْأمة، وفقيه الْعَصْر وَإِمَام التَّفْسِير، دَعَا لَهُ النَّبِي ﷺ بالحكمة، ولد قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين. وَمَات بِالطَّائِف سنة ٦٨هـ وَيُقَال ٦٧هـ وَيُقَال ٧٠هـ. انْظُر: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة ٨/٢٩٥، التَّارِيخ الْكَبِير ٥/٣، تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات ١/٢٧٤، تذكرة الْحفاظ ١/٤٠، الْجرْح وَالتَّعْدِيل ٥/١١٦، الْجمع بَين رجال الصَّحِيحَيْنِ ١/٢٣٩، سير أَعْلَام النبلاء ٣/٣٣١، العقد الثمين ٥/١٩٠، الْمعرفَة والتاريخ ١/٢٤١.
١٠ - ﵁ سَاقِطَة من د.
١ - (يَوْم الْفَتْح) سَاقِطَة من د.
1 / 250
"لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح وَلَكِن جِهَاد وَنِيَّة وَإِذا استنفرتم فانفرو"١ فَأَرَادَ٢ بِهِ الْهِجْرَة من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة٣. وَهِي بَاقِيَة فِي حق كل من أسلم فِي دَار الْحَرْب وَلم يقدر على إِظْهَار دينه وَقدر على الْهِجْرَة فَيجب عَلَيْهِ أَن يُهَاجر إِلَى دَار الْإِسْلَام٤.
قَالَ النَّبِي ﷺ: " أَنا بَرِيء من كل مُسلم مَعَ مُشْرك لَا ترَاءى نارهما "٥.
_________
١ - مُتَّفق عَلَيْهِ انْظُر صَحِيح البُخَارِيّ: كتاب الْجِهَاد - بَاب فضل الْجِهَاد وَالسير ٤/١٧، صَحِيح مُسلم: كتاب الْإِمَارَة - بَاب الْمُبَايعَة بعد فتح مَكَّة على الْإِسْلَام وَالْجهَاد وَالْخَيْر ٣/١٤٨٧.
٢ - فِي ظ: (وَأَرَادُوا) .
٣ - قَالَ النَّوَوِيّ تَأَول الْعلمَاء هَذَا الحَدِيث تأويلين: أَحدهمَا: لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح من مَكَّة لِأَنَّهَا صَارَت دَار إِسْلَام فَلَا تتَصَوَّر مِنْهَا الْهِجْرَة. وَالثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَح، أَن مَعْنَاهُ أَن الْهِجْرَة الفاضلة المهمة الْمَطْلُوبَة الَّتِي يمتاز بهَا أَهلهَا امتيازًا ظَاهرا انْقَطَعت بِفَتْح مَكَّة وَمَضَت لأَهْلهَا الَّذين هَاجرُوا قبل فتح مَكَّة لِأَن الْإِسْلَام قوي وَعز بعد فتح مَكَّة عزا ظَاهرا بِخِلَاف مَا قبله. انْظُر: صَحِيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ ١٣/٨.
٤ - انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي ٦١٠هـ، بَحر الْمَذْهَب ورقة ١٦٨من كتاب السّير، كِفَايَة النبيه الورقة ٢ من كتاب السّير.
٥ - (لَا ترَاءى نارهما) سَاقِطَة من ظ. وَقد ذكر الْخطابِيّ فِي مَعْنَاهَا عدَّة وُجُوه: أَحدهَا: مَعْنَاهُ لَا يَسْتَوِي حكماهما قَالَه بعض أهل الْعلم، وَقَالَ بَعضهم مَعْنَاهُ أَن الله قد فرق بَين دَاري الْإِسْلَام وَالْكفْر فَلَا يجوز لمُسلم أَن يساكن الْكفَّار فِي بِلَادهمْ حَتَّى إِذا أوقدوا نَارا كَانَ مِنْهُم بِحَيْثُ يَرَاهَا. وَفِيه وَجه ثَالِث ذكره بعض أهل اللُّغَة قَالَ مَعْنَاهُ لَا يتسم الْمُسلم بسمة الْمُشرك وَلَا يتشبه بِهِ فِي هَدْيه وشكله وَالْعرب تَقول: (مَا نَار بعيرك أَي مَا سمته) . وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: وَمَعْنَاهُ لَا يتَّفق رأيهما فَعبر عَن الرَّأْي بالنَّار، لِأَن الْإِنْسَان يستضي بِالرَّأْيِ كَمَا يستضي بالنَّار. وَقَالَ ابْن الْقيم: وَالَّذِي يظْهر من معنى الحَدِيث أَن النَّار هِيَ شعار الْقَوْم عِنْد النُّزُول وعلامتهم وَهِي تَدْعُو إِلَيْهِم، والطارق يأنس بهَا، فَإِذا ألم بهَا جاور أَهلهَا وسالمهم فَنَار الْمُشْركين تَدْعُو إِلَى الشَّيْطَان وَإِلَى نَار الْآخِرَة، فَإِنَّهَا إِنَّمَا توقد فِي مَعْصِيّة الله ونار الْمُؤمنِينَ تَدْعُو إِلَى الله وَإِلَى طَاعَته وإعزاز دينه، فَكيف تتفق الناران وَهَذَا شَأْنهمَا؟ وَهَذَا من أفْصح الْكَلَام وأجزله، الْمُشْتَمل على الْمَعْنى الْكثير الْجَلِيل بأوجز عبارَة. انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي ٦١٢، معالم السّنَن ٢/٢٧٢ تَهْذِيب ابْن الْقيم ٣/٤٣٦.
والْحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث جرير. قَالَ ابْن حجر: صحّح البُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ إرْسَاله إِلَى قيس بن أبي حَازِم، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ مَوْصُولا. انْظُر: سنَن أبي دَاوُد: كتاب الْجِهَاد - بَاب النَّهْي عَن قتل من اعْتصمَ بِالسُّجُود ٣/٤٥ سنَن التِّرْمِذِيّ: أَبْوَاب السّير - بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَة الْمقَام بَين أظهر الْمُشْركين ٣/٨٠، التَّلْخِيص الحبير ٤/١١٩.
1 / 251
وَمن لم يقدر على الْهِجْرَة لَا تلْزمهُ الْهِجْرَة، وَإِن كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا وَلكنه مُطَاع فِي قومه يقدر على إِظْهَار دينه وَلَا يخْشَى الْكفَّار على نَفسه وَلَا الْفِتْنَة فِي دينه لَا تجب عَلَيْهِ الْهِجْرَة وَلَكِن يسْتَحبّ لَهُ١ أَن يُهَاجر حَتَّى لَا يكون مكثرًا لسوادهم٢، وَلَا يُؤمن أَن يمِيل إِلَيْهِم قلبه وَإِذا استولى الْمُسلمُونَ على ذَلِك الْبَلَد أَن يسترق وَلَده ثمَّ لما هَاجر النَّبِي ﷺ إِلَى الْمَدِينَة أذن الله ﷿ فِي الْقِتَال مَعَ من قَاتلهم فَقَالَ: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيِل اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ ٣ ثمَّ أُبِيح ابْتِدَاء٤ الْقِتَال مَعَهم فَقَالَ تَعَالَى: ﴿قَاتِلُوا٥ الّذِينَ يَلُونَكم مِن الكُفَّارِ﴾ ٦.
_________
(لَهُ) سَاقِطَة من ظ.
٢ - فِي د: (سواهُم) . والسواد: الْعدَد الْكثير. أنظر - سود - الْمِصْبَاح الْمُنِير ٢٩٤.
٣ - سُورَة الْبَقَرَة آيَة (١٩٠) .
٤ - (ابْتِدَاء) سَاقِطَة من ظ.
٥ - فِي ظ: (وقاتلوا) .
٦ - سُورَة التَّوْبَة آيَة (١٢٣) .
1 / 252
ثمَّ أوجب الله الْجِهَاد فَقَالَ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتالُ وَهُوَ كُرْهُ لَكُمْ﴾ ١.
وَقَالَ: ﴿انفِرُوا خِفَافًا وثِقَالًا وَجَاهِدُوا بأَمْوالِكُمْ﴾ ٢.٣.
وَقَالَ: ﴿إلاّ تَنفِرُوا٤ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَليِمًا﴾ ٥.
وَالْجهَاد الْيَوْم فرض على الْكِفَايَة٦ ٧، إِذا كَانَ الْكفَّار قارين فِي بِلَادهمْ، فَإِذا خرج من تقع بهم الْكِفَايَة سقط الْفَرْض عَن البَاقِينَ وَاخْتلفُوا فِي أَنه هَل كَانَ فرضا على الْعين٨ فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم٩؟
_________
١ - سُورَة الْبَقَرَة آيَة (٢١٦) .
(بأموالكم) سَاقِطَة من ظ.
٣ - سُورَة التَّوْبَة آيَة (٤١) .
٤ - فِي ظ: (إِن لَا تنفرُوا) .
٥ - سُورَة التَّوْبَة آيَة (٣٩) .
٦ - فرض الْكِفَايَة: هُوَ طلب الْفِعْل من مَجْمُوع الْمُكَلّفين لَا من جَمِيعهم، وَفعل بَعضهم فِيهِ يَكْفِي فِي سُقُوط الْإِثْم عَن البَاقِينَ. انْظُر: التَّمْهِيد للأسنوي ٧٤، شرح الْكَوْكَب الْمُنِير ١/٣٧٤، جمع الْجَوَامِع ١/١٨٢، الفروق ١/١١٦.
٧ - انْظُر: الْإِقْنَاع للماوردي ١٧٥، الْوَجِيز ٢/١٨٦، الْغَايَة القصوى ٢/٩٤٣، كِفَايَة الأخيار ٢/٢٦، عُمْدَة السالك ٣٦٠.
٨ - فرض الْعين: وَهُوَ طلب الْفِعْل الْوَاجِب من كل وَاحِد بِخُصُوصِهِ، أَو من وَاحِد معِين كخصائص النَّبِي وَلَا تَبرأ ذمَّة الْمُكَلف إِلَّا بِفِعْلِهِ. انْظُر: التَّمْهِيد للأسنوي ٧٤، شرح الْكَوْكَب الْمُنِير ١/٣٧٤، جمع الْجَوَامِع ١/١٨٢الفروق ١/١١٦.
٩ - اخْتلف الشَّافِعِيَّة فِي ذَلِك على وَجْهَيْن. أَحدهمَا: وَهُوَ قَول أبي عَليّ بن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ فِي ابْتِدَاء فَرْضه على الْأَعْيَان ثمَّ انْتقل إِلَى الْكِفَايَة. وَالثَّانِي: وَهُوَ قَول سَائِر الشَّافِعِيَّة أَنه على الْكِفَايَة. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: وَالصَّحِيح عِنْدِي أَن ابْتِدَاء فَرْضه قد كَانَ على الْأَعْيَان فِي الْمُهَاجِرين وعَلى الْكِفَايَة فِي غَيرهم، لِأَن الْمُهَاجِرين انْقَطَعُوا إِلَى رَسُول الله ﷺ لنصرته فَتعين فرض الْجِهَاد عَلَيْهِم وَلذَلِك كَانَت سَرَايَا رَسُول الله ﷺ قبل بدر بالمهاجرين خَاصَّة وَمَا جَاهد عَنهُ الْأَنْصَار قبل بدر فَتعين الْفَرْض على من انتدب لَهُ وَلم يتَعَيَّن على من لم ينتدب لَهُ. وَصحح النَّوَوِيّ أَنه على الْكِفَايَة. انْظُر: كتاب السّير من الْحَاوِي ٦٣٣، بَحر الْمَذْهَب ورقة ١٧٠ من كتاب السّير، رَوْضَة الطالبين ١٠/٢٠٨ صَحِيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ ١٣/٩.
1 / 253
مِنْهُم من قَالَ: كَانَ فرضا على الْعين١ لقلَّة الْمُسلمين وَكَثْرَة الْمُشْركين بِدَلِيل أَن الله - تَعَالَى - ألحق الْوَعيد بِمن لم يُجَاهد فَقَالَ: ﴿إلاّ تَنفِرُوا يُعَذِّبَكُمْ عَذَابًا ألِيمًا﴾ ٢.
وَمِنْهُم من قَالَ كَانَ فرضا على الْكِفَايَة والوعيد لمن ترك إِجَابَة النبيصلى الله عَلَيْهِ وَسلم ٣ فَإِن إجَابَته وَاجِبَة على كل من دَعَاهُ وَإِن كَانَ فِي الصَّلَاة قَالَ الله تَعَالَى: ﴿يَا أَيُهَا الّذِينَ آمنُوا استَجِيُبوا للهِ وللِرّسُولِ﴾ ٤.
_________
(فِي عهد النَّبِي ﷺ مِنْهُم من قَالَ: كَانَ فرضا على الْعين) سَاقِطَة من د.
٢ - سُورَة التَّوْبَة آيَة (٣٩) .
٣ - فِي ظ: ﵇ .
٤ - سُورَة الْأَنْفَال (٢٤) .
1 / 254