وبالطبع يحتدم الصراع داخل عاصمة الخلافة، بينهم وبين الخليفة وتوابعه، عقبة والفضل بن الربيع، ويقوم البطال باختطافهما، للمزيد من تكشف تآمرهما ضد البرامكة المغتالين، إلى أن يعودوا أدراجهم إلى القتال وتحرير أسراهم.
وهكذا تخبرنا السيرة، عبر ضوابطها الروائية، بالأحداث من داخلية سياسية تصل أقصى ذروتها في بغداد، وما توالى من أحداث، لتعود مسرعة مرة أخرى راصدة ومصورة لتفاصيل القتال الضاري ضد الروم البيزنطيين، حتى استشهاد ذات الهمة في ساحات القتال، وتوالي عصر الأبناء أو الآباء من ذرية ابنها الأمير عبد الوهاب، وحكمهم لمداخل أوروبا والأندلس.
القسم الرابع
سارة وهاجر وصراع الضرتين
قصة شعرية أو شعائرية من نوع المدائح، التي عادة ما ينشدها المداحون في المناسبات الطقوسية الاحتفالية كالأعياد خاصة «عيد اللحم» أو الضحية والحج والطهور والأفراح والأسواق والتجمعات الشعبية، وأسواق عكاظ الغابرة؛ حيث كان يجري إنشادها وحكيها والإبداع في التعبير عن مواقفها التراجيدية، بل يمكن القول الميلودرامية.
فسارة وهاجر من أهم القصص الشفهية الشعبية، التي اعتدنا سماعها من أفواه المداحين ورواة السير والملاحم والبالادا التي من أغراضها أن تروي أحداثا على درجة عالية من الأهمية والخطورة.
وظلت نصوص البالادا مزدهرة عشرات القرون، على طول بلداننا العربية، ومنها ملاحم وقصص وبالاد، التي نتعرض لها مثل يوسف وزليخة، وعزيزة ويونس، وأيوب، التي تجري أحداثها في بادية الشام والصحراء الأدومية، وحبيب بن مالك في الجزيرة العربية، والقميص أو رداء النبي محمد، ثم هذه الملحمة الشعرية الهامة، التي تحكي ملخصا رمزيا لمجرى الصراع العربي والعبري، والتي تتعرض لخصائص الخليل إبراهيم، وابنه إسماعيل أبو العرب العدنانيين شمال الجزيرة العربية أو السعودية اليوم، وكذلك تؤرخ هذه القصة الشعرية للعديد من مناسباتنا وممارساتنا الشعائرية، ومنها المصادمات والاضطهادات العبرية العربية، وبناء الكعبة، ونبع بئر زمزم، وحجر إبراهيم الأسود، والتضحيات الحيوانية في عيد الضحية.
فأهمية هذا النص الشعري المدائحي «سارة وهاجر» الذي يتناول جزءا محددا من حياة عائلة الخليل إبراهيم، مصدرها أن موضوعه الأساسي يدور حول الخلف والذرية وإنجاب الصبيان، والصراع بين الضرتين، أو بين سارة زوجة إبراهيم وابنة عمه - وأخته
1
من أبيه لا من أمه - وهاجر جاريتها المصرية.
صفحة غير معروفة