سير أعلام النبلاء
الناشر
دار الحديث
رقم الإصدار
١٤٢٧هـ
سنة النشر
٢٠٠٦م
مكان النشر
القاهرة
وقال الحافظ في "السير" "٣/ ٢٢٦":
لم يصح الخبر الذي أعلم فِيْهِ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ العَبَّاس أن الخلافة تئول إلى ولده، وَلَكِنَّ آلَ العَبَّاسِ كَانَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُم، وَيُحِبُّوْنَ آل علي، ويودون أن الأمر يئول إِلَيْهِم، حُبًّا لآلِ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ، وَبُغْضًا فِي آلِ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ، فَبَقُوا يَعْمَلُوْنَ عَلَى ذَلِكَ زَمَانًا حَتَّى تَهَيَّأَتْ لَهُمُ الأَسبَابُ، وَأَقبَلَتْ دَوْلَتُهُم، وَظَهَرَتْ مِنْ خراسان.
ثم قال الحافظ ﵀: فَرِحنَا بِمَصِيْرِ الأَمْرِ إِلَيْهِم، وَلَكِنْ -وَاللهِ- سَاءنَا مَا جَرَى؛ لِمَا جَرَى مِنْ سُيُولِ الدِّمَاءِ، وَالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ فالدولة العادلة مَعَ الأَمنِ وَحَقنِ الدِّمَاءِ وَلاَ دَوْلَةً عَادلَةً تُنتَهَكُ دُوْنَهَا المَحَارِمُ وَأَنَّى لَهَا العَدْلُ؟ بَلْ أَتَتْ دَوْلَةً أَعْجَمِيَّةً خُرَاسَانِيَّةً جَبَّارَةً، مَا أَشْبَهَ الليلة بالبارحة.
وقال في "السير" "٦/ ٢٦٧":
لا ريب أن ابن إسحاق في "مغازية" قد كثَّرَ وَطوَّلَ بِأَنْسَابٍ مُسْتَوْفَاةٍ، اخْتصَارُهَا أَملحُ، وَبأَشعَارٍ غَيْرِ طَائِلَةٍ، حَذفُهَا أَرْجَحُ، وَبآثَارٍ لَمْ تُصحَّحْ، مَعَ أَنَّهُ فَاتَهُ شَيْءٌ كَثِيْرٌ مِنَ الصَّحِيْحِ، لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ، فَكِتَابُهُ مُحْتَاجٌ إِلَى تَنقِيحٍ وَتَصْحِيْحٍ وَرِوَايَةِ مَا فَاتَهُ. وَأَمَّا "مَغَازِي مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ"، فَهِي فِي مُجَلَّدٍ لَيْسَ بِالكَبِيْرِ، سَمِعنَاهَا، وَغَالِبُهَا صَحِيْحٌ وَمُرْسَلٌ جَيِّدٌ، لَكِنَّهَا مُخْتَصَرَةٌ، تَحْتَاجُ إِلَى زِيَادَةِ بَيَانٍ، وَتَتِمَّةٍ.
وَقَدْ أَحْسَنَ فِي عَملِ ذَلِكَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ فِي تَألِيْفِهِ المُسَمَّى بِكِتَابِ "دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ".
وَقَدْ لَخَّصتُ أَنَا التَّرجمَةَ النَّبوِيَّةَ، وَالمَغَازِي المَدَنِيَّةَ فِي أَوَّلِ "تَارِيْخِي الكَبِيْرِ"، وَهُوَ كَامِلٌ فِي مَعنَاهُ إن شاء الله.
فما أعظم الذهبي هذا الناقد الحاذق.
وقال في "السير" "٦/ ٤١١":
قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: سَأَلْتُ الأَوْزَاعِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَابْنَ جُرَيْجٍ: لِمَنْ طَلبتُمُ العلم؟ كلهم يقول: لنفسي غير ابن جريج، فإنه قال: طلبته للناس.
فعقب الذهبي الناقد البصير بقوله: قُلْتُ: مَا أَحْسَنَ الصِّدْقَ وَاليَوْمَ تَسْألُ الفَقِيْهَ الغَبِيَّ: لِمَنْ طَلبتَ العِلْمَ؟ فَيُبَادِرُ، وَيَقُوْلُ: طَلبتُهُ للهِ، وَيَكْذِبُ، إِنَّمَا طَلبَهُ لِلدُّنْيَا وَيَا قِلَّةَ ما عرف منه.
1 / 45