صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان
الناشر
المطبعة السلفية
رقم الإصدار
الثالثة
مكان النشر
ومكتبتها
تصانيف
العقائد والملل
شرعي أو ارتكب ما نهى الله عنه ورسوله فقد صار مبتدعًا ضالًا١.
قوله: ومن بالغ في تعظيمه ﷺ بأنواع التعظيم ولم يبلغ به ما يختص بالباري ﷾ فقد أصاب الحق وحافظ على جانب الربوبية والرسالة جميعًا، وذلك هو القول الذي لا إفراط فيه ولا تفريط.
أقول: فيه نظر عويص، فإن من أنواع التعظيم ما هو محدث، ومنها ما هو منهي عنه، مع أنهما مما لا يختص بالباري ﷾. فكيف يقال لمرتكبه أنه أصاب الحق؟
قوله: وأما قوله ﷺ " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى"، فمعناه أن لا تشد الرحال إلى مسجد لأجل تعظيمه والصلاة فيه إلا إلى المساجد الثلاثة –إلى قوله- وهذا التقدير لا بد منه، ولو لم يكن التقدير هكذا لاقتضى منع شد الرحال للحج والجهاد والهجرة من دار الكفر ولطلب العلم وتجارة الدنيا وغير ذلك، ولا يقول بذلك أحد.
أقول: عدم التقدير المذكور لو اقتضى منع شد الرحال إلى الأمور المذكورة فأي محذور فيه؟ فإن الآيات والأحاديث الدالة على وجوبها أو جوازها تقع مخصصة لعموم حديث "لا تشد الرحال"، وبناء العام على الخاص مسألة مشهورة، على أن ذكر الحج في الأمور المذكورة غفلة شديدة، إذ حديث "لا تشد الرحال" لا يقتضي
_________
١ هذه مسألة أخطأ فيها كثير من الناس، زعموا أنه لا يحظر من تعظيم النبي ﷺ إلا وصفه بالربوبية والألوهية كما قال البوصيري:
دع ما ادعته النصارى في نبيهم ... واحكم بما شئت مدحًا فيهم واحتكم
وفي معناه:
دعوا مقال النصارى في نبيهم ... يا مادحيه، ومهما شئتم قولوا
والحق أن التعظيم غير المشروع نوعان: أحدهما كفر وهو ما يختص بالله تعالى، ومنه الدعاء والاستغاثة في الشدائد، والآخر معصية، كالكذب واختراع الآيات والمعجزات غير المروية بالأسانيد القوية وهو كثير.
1 / 82