قال يوجين وهو لا يزال باسما: «قد يكون كذلك، ولكنه مزاح جاد.»
سرحت عينا السيد لوهيد نحو رف عليه نوعية أخرى من الكتب التي قرأها يوجين، والتي بدت له غير ذات صلة بالنوع الأول. كانت تلك الكتب من تأليف أصحاب النبوءات وعن نبوءاتهم، كانت كلها عن أجرام سماوية وتجارب نفسية وقوى خارقة للطبيعة وشتى أنواع الخدع والسحر، إن أردت أن تطلق عليه هذا الاسم. حتى السيد لوهيد استعار بعض تلك الكتب وغيرها من يوجين بيد أنه لم يتمكن من قراءتها؛ فقد حال التشكك بينها وبين عقله. ومستخدما كلمة من سنين شبابه، أخبر يوجين أن كل هذا يسبب له الحيرة. ولم يستطع تصديق أن يوجين يأخذ الأمر على محمل الجد، حتى عندما سمع يوجين يؤكده له.
بعد فترة وجيزة من الحادث الذي وقع في صالة الطابق السفلي رجع السيد لوهيد ذات يوم إلى المنزل ليجد علامة مرسومة على بابه. كانت شيئا أشبه بزهرة ذات بتلات حمراء رقيقة مرسومة بطريقة غير حرفية، وتتخللها بتلات سوداء مستدقة الطرف بطريقة خاطئة، وفي منتصف الزهرة دائرة حمراء وأخرى سوداء وثقب أسود بداخلهما. حينما لمس الطلاء وجد أنه لا يزال رطبا، ولكن ليس رطبا جدا؛ فلديهم هذه الأيام دهانات تجف بسرعة فائقة. دعا يوجين للخروج وإلقاء نظرة عليها.
قال يوجين: «هذا شيء بسيط، على الأقل شيء لا يدعو للقلق. أنا لا أعرف ماذا يعني، وربما كان مجرد شيء اختلقوه.»
استغرق السيد لوهيد دقيقة أو اثنتين ليستوعب معنى هذا.
فقال يوجين مفسرا: «إنها ليست علامة.»
قال السيد لوهيد: «علامة!» «كتعويذة مثلا؛ فهناك فرق بين هذا وبين العلامة الحقيقية، تماما كالفرق بين اللغو الفارغ والتعويذة الحقيقية، مع أنهما قد يبدوان أشبه بلغو فارغ للجاهلين.»
قال السيد لوهيد مستجمعا شتات نفسه: «لم يساورني القلق حيال كونها ع ... علامة. هل هذا ما تعنيه، ضرب من العلامات السحرية؟ غاية ما هنالك أنني استأت من تشويه منظر بابي. فما لهم هم والمجيء ها هنا؟ وما شأنهم والرسم على بابي؟» «حسنا، أظنهم اعتقدوا أنها مزحة، أو لعلهم فعلوها من باب التحدي؛ فأفعالهم صبيانية جدا، لا سيما ريكس وكالا، فسلوكياتهما صبيانية بشكل لا يصدق. أما روفر فتبدو سلوكياته صبيانية بعض الشيء، حيث يعتريه شيء من الغموض. ربما كانت تتلبسه روح عجوز.»
لم يكن السيد لوهيد مهتما بسن الروح التي تتلبس روفر، كل ما كان مهتما به هو إمكانية أن يكون لهذا الشيء؛ أي العلامة التي على الباب، معنى حقيقي لشخص ليس بأحمق تماما، الأمر الذي استحوذ عليه تماما. فسأل بصوت يغلفه فضول شديد لا يمكن كبته: «هل ... أكانت ستقلقك علامة على بابك؟ أتعتقد أن شيئا كهذا يمكن أن يكون له تأثير حقيقي؟» «مطلقا.»
قال السيد لوهيد: «وهذا شيء يستحيل تقريبا أن أصدقه.» ثم فكر وتنهد وأضاف بمزيد من الحزم: «يستحيل أن أصدقه.»
صفحة غير معروفة