يا إسكندر A لا تباشر الحروب بنفسك ولازم أكابر خواصك ولا تستعمل ما يستعمله الهياكلة المستسلمون من الاجتماعات فوالله ما اجتمع ملك بآخر إلا ودبر أحدهما في الفتك بصاحبه وهذا موجود كثير لازم في أصل الخلقة التي منها تناسل العالم وتفكر في صنع قابيل بأخيه هابيل وقد صح أن الحسد وحب الدنيا أوجبا ذلك كما كان في طبيعة هذا العالم والتحفظ منه واجب لازم. واعلم يا إسكندر أن الحرب جسد وروح يقوم من ضدين يتغالبان فروحهما اعتقاد الغلبة والظفر من كل واحد من الفريقين وجسمهما تلاقي الفئتين فمتى لم يقع اعتقاد الظفر منهما ماتت الحرب وبقاء الحرب ما دام التكافي وفناؤه بغلب إحدى الطائفتين فليكن همك في إقامة همة جيشك والإيقاع في نفوسهم أنك غالب وأن عندي دلائل على ذلك وبرهانات عملية تغري بها نفوسهم B مثل الحنا ميروس والعفو والتي أنا أذكرها في موضعه من هذا الكتاب وألف كلمهم وعدهم بالصلاة والكسوات وأوف بذلك وتوعد من كع وأحجم بمؤلم العقاب والتمثيل والفضيحة.واعلم أنك لا تقاتل إلا مفحصا أو متحصنا فإن لقيت من أفحص إليك فليكن همك في التحصين على نفسك بالآلات والمحترسين والمتطلعين والترقب في كل حين من ليل أو نهار ولا تنزل بعسكرك إلا في موضع تستند إليه كالجبل وشبهه وعلى مقربة من الماء واستكثر من الازداد وإن لم تحتج إليها. وكثير من الآلات المهولة والأصوات المفزعة فإنها قوة لنفوس من معك وإقامة لهمهم وفزعا وفرقا لمن تلقاه واستعمل في أجنادك خلاف الهيات أمة بالدروع وأمة في الجواشن وأمة بالتحافيق وإذا بعثت طائفة للقاء فوجه معهم السور الفيلة والأبراج الخشبية فيها أصحاب السهام والذرافات A # المحرقة فإن رابهم ريب قويت نفوسهم باستكانتهم إلى تلك الجند وقامت السهام والزرافات والحراقات في وجوه أعدائهم وأعدائك ورتب أجنادك على ما قدمنا ذكره واجعل ميمنتك أهل الضرب والمجالدة وميسرتك أهل الطعن والقلب أهل المزارقة والرمي بالسهام والحرابات والأصوات المهولة المفزعة مثل الآلة المائية التي أقمتها لك عند لقاء بلهلهة الهندي فلما سمعوها فرقت نفوسهم وفرت بهم خيلهم فكان ذلك سبب الظفر بهم ولتكن مشرفا عليهم تطلع على محسنهم ومسيئهم فإنهم متى علموا بذلك راقبوك ومتى راقبوك حذروا. وتأمل أحوال العدو فحيث رأيت مخلخلا فاجعل الصدمة فيه واستعمل البيات بكفؤ من العون فقل ما ظفر بمقدمة أمة إلا غلبت بانكسار نفوسهم ودخول الرعب عليهم واستكثر من الكمائن بالنيران والأصوات المفزعة فإنها من العدد والقوة الممدة B الباعثة على الغلبة وركن قوي من أركان الحروب
صفحة ٢٦