إلا أن فتنة البسوس كانت قد استفلحت إلى أن وصلت أسماع الملك كليب ذاته، وتبني بني مرة لها، فأرسل إلى جساس يطالبه بإيقاف الفتنة وإخراج العجوز الشاعرة من القبيلة.
وهكذا تحقق الانقسام، ونمت المخاوف وأزهرت التوجسات بين الطرفين.
حتى إذا ما أقدم كليب يوما على قتل ناقة البسوس المطلسمة - التي كان يدعى أنها من سلالة ناقة النبي صالح والملقبة بسراب، حين اقتحمت - الناقة - بستانه البهيج وسط غوطات دمشق، الذي يقال إنه كان «من أحسن متنزهات الدنيا» مما دفع بكليب إلى إطلاق سهمه نحو ضرع ناقة البسوس - السائبة - ليستقر معتدلا في ضرعها وليشخب ب «الدم واللبن».
حتى إذا ما أدركت البسوس ما حصل وتلفحت بجلد ناقتها وتخضبت بدمها دخلت نائحة على جساس بن مرة وألقت بجلد الناقة الذبيحة بين يديه، هنا استبد بجساس الغضب.
حتى إذا ما حاول جساس تهدئة البسوس وتعويضها بما تطلب فداء لناقتها؛ أجابت: أريد واحدا من ثلاثة أشياء:
إما أن تملأ حجري بالنجوم
أو تضع جلد الناقة على جثتها لتقوم
أو رأس كليب بالدماء يعوم.
وهكذا خرج الأمير جساس قاصدا مقر الملك كليب بدمشق، وما إن استقبله كليب قادما عليه بكامل عدة حربه، حتى تعرفه، إلا أن جساس راوغه زاعما له أنه كان في طريقه للصيد، وما إن مر بدمشق حتى جاءه مسلما ومعاتبا لقتل رعيانه لناقة ضيفته ونزيلته «العجوز الشاعرة وبعلها الأعمى.»
حين طيب كليب خاطره، عارضا عليه أربعمئة ناقة عوضا عن ناقة العجوز الضيفة، واصل جساس خداعه مغيرا الموضوع قائلا: «مرادي أن ألعب معك سباقين بالجريد.»
صفحة غير معروفة