وحين مات استدعت البسوس حسان بن أسعد ليكمل مشوار التبع والده ، بضرورة الالتزام بوصيته وهي الذهاب إلى كاهنة «جبل ضهر» وتنفيذ كل ما تشير عليه من مشورة؛ قائلة: في كل ما تشير عليك به كاهنة جبل ضهر اسمع لقولها. حتى إذا ما ذهب إلى كاهنة جبل ضهر بادرته قائلة: لقد تأخرت كثيرا، فقال: عن ماذا؟ قالت: عن حكم حمير، فمن مغارة جبل ضهر هذه خرج سبعة فراعين عظام حكموا مصر، وأجلسته على كرسي من الذهب الوهاج مغطى بالحيات والعقارب؛ قائلة له آمرة: اجلس، فجلس، وأشارت عليه بقتل أول من يصادفه حين خروجه من باب مغارتها خارجا، وكان أول من صادفه هو أخوه الوحيد المدعو «عمرو ذو الأزعار» إلا أنه تردد في قتله وأصابته حمى حاوطته إلى أيام، وما إن فاق منها حتى احتضن أخاه عمرو ووضع خنجره في جنبه وقتله.
وهكذا حكم ذلك التبع حسان اليماني ولقبه ذو اليمنين حمير وتوابعها، واتخذ وزيرا له اشتهر بالحكمة والعدل يدعى «يثرب» فقربه منه إلى أن استقدمه ذات مساء وأنشد قائلا:
يقول التبع اليمني المسمى
بحسان فما للقول زورا
ملكت الأرض غصبا واقتدارا
وصرت على ملوك الأرض سورا
وطاعتني الممالك والقبائل
وفرسان المعامع والنسورا
لقد أخبرت عن بطل عنيد
شديد البأس جبارا جسورا
صفحة غير معروفة