سيرة ابن هشام ت طه عبد الرؤوف سعد
محقق
طه عبد الرءوف سعد
الناشر
شركة الطباعة الفنية المتحدة
تصانيف
ضربة في رأسه، مُمسكا عليها بيده، فإن أخِّرت يدَه عَنْهَا تَنْبَعِثُ دَمًا، وَإِذَا أُرْسِلَتْ يَدُهُ ردَّها عَلَيْهَا، فَأَمْسَكَتْ دمَها، وَفِي يَدِهِ خَاتَمٌ مَكْتُوبٌ فِيهِ: "رَبِّي اللَّهُ" فَكُتِبَ فِيهِ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُخْبَرُ بِأَمْرِهِ فَكَتَبَ إلَيْهِمْ عمرُ ﵁: أَنْ أَقِرُّوهُ عَلَى حَالِهِ وَرُدُّوا عَلَيْهِ الدَّفْن الَّذِي كَانَ عليه، ففعلوا١.
فرار دوس ذي ثعلبان من ذي نواس واستنجاده بِقَيْصَرَ:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَفْلَتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ مِنْ سَبَأٍ. يُقَالُ لَهُ دَوْس ذُو ثَعْلبان عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَسَلَكَ الرَّمْلَ فَأَعْجَزَهُمْ، فَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ ذَلِكَ، حَتَّى أَتَى قَيْصَرَ مَلِكَ الرُّومِ، فَاسْتَنْصَرَهُ عَلَى ذِي نُوَاسٍ وَجُنُودِهِ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا بَلَغَ مِنْهُمْ، فَقَالَ لَهُ: بَعُدَتْ بِلَادُكَ منا، ولكن سَأَكْتُبُ لَكَ إلَى مَلِكِ الْحَبَشَةِ فَإِنَّهُ عَلَى هَذَا الدِّينِ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى بِلَادِكَ، وَكَتَبَ إليه يأمره بنصره والطلب بثأره.
النجاشي ينصر دوسًا: فَقَدِمَ دوسٌ عَلَى النَّجَاشِيِّ بِكِتَابِ قَيْصَرَ، فَبَعَثَ مَعَهُ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنْ الْحَبَشَةِ وأمَّر عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: أَرْيَاطُ -وَمَعَهُ فِي جُنْدِهِ أَبْرَهَةُ الْأَشْرَمُ- فَرَكِبَ أَرْيَاطُ الْبَحْرَ حَتَّى نَزَلَ بِسَاحِلِ الْيَمَنِ، وَمَعَهُ دَوْس ذُو ثَعْلبان.
نهاية ذي نواس: وَسَارَ إلَيْهِ ذُو نُواس فِي حِمْير، وَمَنْ أَطَاعَهُ مِنْ قَبَائِلِ الْيَمَنِ، فَلَمَّا الْتَقَوْا انْهَزَمَ ذُو نُوَاسٍ وَأَصْحَابُهُ، فَلَمَّا رَأَى ذُو نُوَاسٍ مَا نَزَلَ بِهِ وَبِقَوْمِهِ، وَجَّهَ فَرَسَهُ فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ، فَدَخَلَ بِهِ فَخَاضَ بِهِ ضَحْضَاح٢ الْبَحْرِ، حَتَّى أَفْضَى بِهِ إلَى غَمْرِه٣، فأدخله فيه،
_________
١ يصدق ذلك قوله تعالى: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ ...﴾ وما وجد من شهداء أحد وغيرهم على هذه الصورة لم يتغيروا بعد الدهور الطويلة، كحمزة بن عبد المطلب ﵁ فإنه وجد حين حفر معاوية العين صحيحًا لم يتغير وأصابت الفأس أصبعه، فدميت. وكذلك أبو جابر عبد الله بن حرام، وعمرو بن الجموح. وطلحة بن عبيد الله، استخرجته بنته عائشة من قبره حين أمرها في المنام بنقله فاستخرجته من موضعه بعد ثلاثين سنة لم يتغير. وحدثني من لا أشك في قوله أنه رأى كثيرًا من الشهداء في حرب فلسطين لم يتغيروا بعد السنين الطويلة.
٢ الضحضاح من الماء: الذي يظهر قعره.
٣ الغمر: الماء الكثير.
1 / 31