سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الامام مالك بن أنس وأصحابه

أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم المصري ت. 214 هجري
95

سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الامام مالك بن أنس وأصحابه

محقق

أحمد عبيد

الناشر

عالم الكتب-بيروت

رقم الإصدار

السادسة

سنة النشر

١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م

مكان النشر

لبنان

النَّاس أَلا ترَوْنَ أَنكُمْ فِي أسلاب الهالكين وَفِي بيُوت الميتين وَفِي دور الظاعنين جيرانا كَانُوا مَعكُمْ بالْأَمْس أَصْبحُوا فِي دور خامدين بَين آمن روحه إِلَى يَوْم القياممة وَبَين معذب روحه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ تحملونه على أَعْنَاقكُم ثمَّ تضعونه فِي بطن من الأَرْض بعد غضارة من الْعَيْش وتلذذ فِي الدُّنْيَا فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون ثمَّ إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون أم وَالله لَوَدِدْت أَنه بديء بِي وبلحمتي الَّتِي أَنا مِنْهَا حَتَّى يَسْتَوِي عيشنا وعيشكم أم وَالله لَو أردْت غير هَذَا من الْكَلَام لَكَانَ اللِّسَان بِهِ مني منبسطا ولكنت بأسبابه عَارِفًا ثمَّ وضع طرف رِدَائه على وَجهه فَبكى وَبكى النَّاس مَعَه جَوَابه إِلَى الْقرظِيّ فِي الموزنة بَين الموعظة وَالصَّدََقَة وَكتب عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى الْقرظِيّ أما بعد فقد بَلغنِي كتابك تعظني وتذكر مَا هُوَ لي حَظّ وَعَلَيْك حق وَقد أصبت بذلك أفضل الْأجر إِن الموعظة كالصدقة بل هِيَ أعظم أجرا وَأبقى نفعا وَأحسن ذخْرا وَأوجب على المرءالمؤمن حَقًا لكلمة يعظ بهَا الرجل الْمُؤمن أَخَاهُ لِيَزْدَادَ بهَا فِي هدى رَغْبَة خير من مَال يتَصَدَّق بِهِ عَلَيْهِ وَإِن كَانَ بِهِ إِلَيْهِ حَاجَة وَلما يدْرك أَخُوك بموعظتك من الْهدى خير مِمَّا ينَال بصدقتك من الدُّنْيَا وَلِأَن ينجو رجل بموعظتك من هلكة خير من أَن ينجو بصدقتك من فقر فعظ من تعظه لقَضَاء حق عَلَيْك وَاسْتعْمل كَذَلِك نَفسك حِين تعظ وَكن كالطيب المجرب الْعَالم الَّذِي قد علم أَنه إِذا وضع الدَّوَاء حَيْثُ لَا يَنْبَغِي أعنته وأعنت نَفسه وَإِذا أمْسكهُ من حَيْثُ يَنْبَغِي جهل وأثم وَإِذا أَرَادَ أَن يداوي مَجْنُونا لم يداوه وَهُوَ مُرْسل حَتَّى يستوثق مِنْهُ ويوثق لَهُ خشيَة أَن لَا يبلغ مِنْهُ من الْخَيْر مَا يَتَّقِي مِنْهُ من الشَّرّ وَكَانَ طبه

1 / 117