هو البدر والناس الكواكب حوله ... وهل يشبه البدر المضيئ الكواكب وأمر عليه السلام بالدعوة إلى الأقطار والأمصار، فأول دعوة كتبت إلى الجهات النائية دعوة كتبت إلى الأمير المتوكل على الله أحمد بن الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة بن سليمان بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ظفار وتلك النواحي؛ إذ كان هذا الأمير سلطان الشرف في ذلك الأوان وإليه ينتهي أمرها، فلما وصلت الدعوة إلى ظفار إلى الأمير المذكور اضطرب من ذلك واستوحش من ميل الإمام إلى ناحية ثلاء ومعاضدته لمن عاضده، وقد كان يظهر أنه كان يحب أن تكون الدعوة من ظفار، وأنه يكون أعظم مناصرا له، فحينئذ لم يكد يرفع له بذلك رأسا، وبقي تارة يثبط الناس عن النفير إلى الإمام، وتارة يأذن لهم، ولما رآه الناس كذلك أجابوا الإمام أرسالا ونفروا إليه حالا فحالا ، فلم يتخلف أحد من العلماء في أول الأمر عن الوصول إلى الإمام إلا ما كان من الشيخ العالم أحمد بن محمد الرصاص ومن تبعه من الشيعة وقليل ما هم فإنه وصل إلى ظفار في تلك الأيام وجرى بينه وبين الأمير شمس الدين كلام في امتحان الإمام وتعنته في دقائق العلم، ووقف أياما وأجمع رأيهم على صدوره إلى ثلاء بعد أن أخذ عليه الأمير شمس الدين عهد الله وميثاقه لا بايع في صدور ذلك حتى يعود إليه، فلما وصل إلى ثلاء وتلقاه الإمام بما هو أهله، وبرز له في ميدان الامتحان الذي فيه يكرم المرء أو يهان، بايع على رؤوس الأشهاد من فوق المنبر وتكلم في مناقب أمير المؤمنين المهدي عليه السلام بما سمعه الحاضر والباد، وما يكون شهيدا عليه يوم التناد يوم تجد كل نقس ما عملت من خير محضرا ومن عملت من سوء تود لو أن بينه وبينها أمدا بعيدا، وكتبت الدعوة إلى الأمير المعظم شيخ العترة النبوية عماد الدين صنو أمير المؤمنين المنصور بالله إلى المظفر ذي الشرفين يحيى بن حمزة بن سليمان، فلما وصلت إليه الدعوة بعد أن كان الفقيه الإمام المجتهد أوحد الزمن حميد بن أحمد المحلى قد أعلمه أولا بأن الإمام قد تكاملت فيه خصال الإمامة، وكذلك من كان معه من العلماء الفضلاء أعلموه بذلك وشهدوا له، فلما وصلت إليه الدعوة حمد الله تعالى وأثنى عليه، وتلقاها بالقبول والإقبال والامتثال وبايع وشايع، وأمر أهل البلاد بالوصول إلى الإمام واعتذر من الوصول لكبر السن والضعف، وأمر بإقامة الجمعة وإنفاذ الأحكام، وكذلك الفقيه الإمام العلامة حميد بن أحمد لما وصلت إليه تحدث في المحافل في مناقب الإمام وكمال استحقاقه الزعامة، وبايع له وأمر بإقامة الجمعة، وسارت الدعوة في الأقطار، فأمر بالدعوة إلى سلطان اليمن عمر بن رسول وهو حينئذ في موضع يقال له الموسعة قريبا من جبلة يريد طلوع اليمن الأعلى لحرب ابن أخيه أسد الدين كما قيل فضاق من وصولها ذرعا وأظهر الوعيد والتهديد، وأزمع على الطلوع لحرب ثلاء واستئصال شأفة الشيخ منصور بن محمد ومن قال بقوله، وكتبت الكتب العجيبة العنيفة المشتملة على العجب والاستصغار لأمر الداعي إلى الله، وكتب دعوة إلى أسد الدين محمد بن الحسن إلى صنعاء، فكان كلامه جميلا، وكتب الدعوة إلى الحرمين وإلى التهائم والجهات النائية، وكتب الدعوة إلى الأمراء السادة الأجلاء آل يحيى بن يحيى برغافة وقطابر منهم من قطع على صحة الإمامة بما قد كان تقدم إليه وصح عنده من صفات الإمام عليه السلام وبلوغه درجة الاجتهاد وهو الأمير السيد شيخ العترة النبوية وإمام الشريعة المحمدية، حافظ علوم أهل البيت عليهم السلام جمال الدين علي بن الحسين يحيى بن يحيى عليهم السلام، والأميران السيدان أجابا وتكلما بالكلام الجميل وطلبا المباحثة والوصول إلى ما يجب عليهما في صحة الإمامة.
صفحة ٩٥