87

(فصل)

وهذه نسخة دعوته العامة التي نشرها إلى الأقطار أولها:

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

من عبد الله المهدي لدين الله أمير المؤمنين أحمد بن الحسين بن أحمد بن القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كتابي هذا إلى من بلغه من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

أما بعد:

فإني أحمد الله اليكم الذي لا إله إلاهو على درور نعمه، ووفور قسمه، وسبوغ كرمه، أحمده والحمد من عطاياه الوافرة، وأومن به والإيمان من أياديه الغامرة، التي فاتت التعداد، وطبقت الأغوار والأنجاد، فليس يشكره شاكر إلا بإيزاعه، ولا يذكره ذاكر إلا باصطناعه، ولا يمنعه كفر من أن يجود عليه، ولا تؤثر مسألة السائل في سعة ما لديه.

وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة يسعد تاليها، ولا يخيب راجيها، يعدها ليوم معاده، ويصيب بها سنن رشاده.

وأشهد أن محمدا نبيه الذي اجتباه من أشرف المناصب، وصفيه الذي اصطفاه من خلاصة الشرف الثاقب، صلى الله عليه وآله وسلم صلاة تصحب الدوام، ولا تخلق على مر الأيام، وعلى آله حماة سرح الدين وأعضاد الحق المبين، حبل الله المتين وعدل الكتاب المستبين، الذي قال فيهم رب العالمين: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}(1) وقال وهو أصدق القائلين: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}(2) وقال فيهم جدهم الصادق الأمين: ((مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى)) (3)وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير أنبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)).

أيها الناس إني أذكركم بالله وأحذركم الدنيا التي غرت آباءكم الماضيين، وتزينت بهجتها في عيون المغترين، أنسوا بها فغرتهم، وركنوا إليها فخدعتهم، ووثقوا بها فصرعتهم، فكأنهم لم يكونوا للدنيا عمارا، وكأن الآخرة لم تكن لهم دارا.

صفحة ٨٨