رجع الحديث
فأقام أمير المؤمنين وأمر بحفظ قصر أسد الدين لكونه مرصدا من يحفظه من الأمراء آل القاسم وولى مدينة صنعاء الأمير الكبير الحسيب الحسن بن محمد بن إبراهيم القاسمي وجعل معه القاضي المجاهد أحمد بن مقبل بن زيدان الطائي الصعدي، وولى القضاء القاضي أحمد بن سليمان العنسي، وأعطى الأميرالكبير شمس الدين قصر الأمير فخر الدين أبي بكر بن الحسن بن علي بن رسول شقيق أسد الدين، وأعطى كلا من المقدمين والخواص قسطا وافر من منازل الغز والباطنية وضياعهم وبساتينهم ومن قال بقولهم حتى رضي بذلك كل من المقدمين إلا أن الأمير المتوكل أحمد بن الإمام المنصور بالله كان في نفسه غير ذلك من أن أكثر أمر صنعاء يكون إليه وعلى يديه فتنكر على أمير المؤمنين فصارت الأحاديث تسري إلى أمير المؤمنين بما يسره وهو متعمد ويصفح ويقابله بالإجلال والإعظام والتبجيل والإكرام وكان يؤثره بالعطاء والإنفاق على كثرة العساكر وتقاضي الأشياء في تلك الأيام.
أعلمني بعض الثقات أن راتبه من أمير المؤمنين عليه السلام كان كل ليلة مائة درهم، فإن انقطع أو نقص كان دينا يقضي إياه، ولكل واحد من الأمراء إخوته وبني عمه راتبا بقدر مؤنته، وكانوا مع ذلك يعيبون وينتقصون الإمام.
وبلغني أن أمير المؤمنين أعطى الشيخ أحمد بن محمد الرصاص دار الكبير من كبار الباطنية مزخرفة بالذهب وأعطاه من الضياع والحوانيت والصوافي في تلك النواحي ما قدر مبلغ قيمته ثلاثون ألف دينار يصح مائة ألف وعشرون ألفا لما كان يعرف عليه السلام من رغبته في الدنيا باطنا ويقنع بالتقشف ظاهرا، وقد كنت أسمعه عليه السلام يشير إلى أنه من جملة المؤلفة.
صفحة ١٩٦