(1) ذو شناتر[1]، فقتل خيارهم، وعبث ببيوت أهل المملكة منهم، فقال قائل من حمير للخنيعة:
تقتل أبناها وتنفى سراتها # وتبنى بأيديها لها الذل حمير
تدمر دنياها بطيش حلومها # وما ضيعت من دينها فهو أكثر
كذاك القرون قبل ذاك بظلمها # وإسرافها تأتى الشرور فتخسر
وكان لخنيعة امرأ فاسقا يعمل عمل قوم لوط، فكان يرسل إلى الغلام من أبناء الملوك، فيقع عليه في مشربة[2] له قد صنعها لذلك، لئلا يملك بعد ذلك ثم يطلع من مشربته تلك إلى حرسه ومن حضر من جنده، قد أخذ مسواكا فجعله في فيه، أي ليعلمهم أنه قد فرغ منه. حتى بعث إلى زرعة ذي[3] نواس بن تبان أسعد أخى حسان، وكان صبيا صغيرا حين قتل حسان، ثم شب غلاما جميلا وسيما[4]، ذا هيئة وعقل، فلما أتاه رسوله عرف ما يريد منه، فأخذ سكينا حديدا لطيفا، فخبأه بين قدمه ونعله، ثم أتاه، فلما خلا معه وثب إليه، فواثبه ذو نواس فوجأه[5] حتى قتله، ثم حز رأسه، فوضعه في الكوة التي كان يشرف منها، ووضع مسواكه في فيه، ثم خرج على الناس، فقالوا له: ذا نواس، أرطب أم يباس[6] فقال: سل نخماس[7] استرطبان[8] ذو نواس. استرطبان لا باس[9]-قال [ (1) ]الشناتر: الأصابع، بلغة حمير.
[ (2) ]المشربة بفتح الراء وضمها: الغرفة المرتفعة.
[ (3) ]زرعة: هو من قولهم: زرعك الله: أي أنبتك، وسموا بزارع كما سموا بنابت، وسمى ذا نواس لأنه كان له غديرتان من شعر كانتا تنوسان: أي تتحركان وتضطربان.
[ (4) ] وسيما: حسنا.
[ (5) ] وجأه: ضربه.
[ (6) ]يباس: يبيس.
[ (7) ]كذا في أوشرح السيرة، وقد نبه السهيلي: في كتابه: «الروض الأنف» على أن هذا هو الصحيح ويروى بالنون (أو بالتاء) مع حاء مهملة، وبهذه الرواية الأخيرة ورد في م، ر.
[ (8) ]يقال: إن هذه كلمة فارسية، ومعناها: أخذته النار.
[ (9) ]كذا وردت هذه العبارة بالأصل، وهي غير واضحة. وسياقها في الأغاني: «كان الغلام إذا خرج من عند لخنيعة، وقد لاط به قطعوا مشافر ناقته وذنبها، وصاحوا به: أرطب أم يباس، فلما خرج.
صفحة ٣٠