(1) هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد، فقالوا له: أيها الملك، ألا ندلك على بيت مال داثر أغفلته الملوك قبلك، فيه اللؤلؤ والزبرجد والياقوت والذهب والفضة؟قال: بلى، قالوا: بيت بمكة يعبده أهله، ويصلون عنده وإنما أراد الهذليون هلاكه بذلك، لما عرفوا من هلاك من أراده من الملوك وبغى عنده. فلما أجمع لما قالوا أرسل إلى الحبرين، فسألهما عن ذلك، فقالا له:
ما أراد القوم إلا هلاكك وهلاك جندك، ما نعلم بيتا لله اتخذه في الأرض لنفسه غيره، ولئن فعلت ما دعوك إليه لتهلكن وليهلكن من معك جميعا، قال: فما ذا تأمراننى أن أصنع إذا أنا قدمت عليه؟قالا: تصنع عنده ما يصنع أهله: تطوف به وتعظمه وتكرمه، وتحلق رأسك عنده، وتذل له، حتى تخرج من عنده، قال فما يمنعكما أنتما من ذلك؟قال: أما والله إنه لبيت أبينا إبراهيم، وإنه لكما أخبرناك، ولكن أهلهحالوا بيننا وبينه بالأوثان التي نصبوها حوله، وبالدماء التي يهرقون عنده، وهم نجس أهل شرك-أو كما قالا له-فعرف نصحهما وصدق حديثهما فقرب النفر من هذيل، فقطع أيديهم وأرجلهم، ثم مضى حتى قدم مكة، فطاف بالبيت، ونحر عنده، وحلق رأسه، وأقام بمكة ستة أيام-فيما يذكرون-ينحر بها للناس، ويطعم أهلها ويسقيهم العسل، وأرى في المنام أن يكسو البيت، فكساه الخصف[1]، ثم أرى أن يكسوه أحسن من ذلك، فكساه المعافر[2]، ثم أرى أن يكسوه أحسن من ذلك، فكساه الملاء والوصائل[3]، فكان تبع-فيما يزعمون- [ () ] (بها منبر ونخيل ومزارع على ستة وثلاثين ميلا من مكة، وهي حد تهامة، ومن عسفان إلى ملل يقال له الساحل، وملل على ليلة من المدينة. وقال السكرى: عسفان: على مرحلتين من مكة على طريق المدينة، والجحفة على ثلاث مراحل وقد غزا-النبي صلى الله عليه وسلم بنى لحيان بعسفان، وقد مضى لهجرته خمس سنين وشهران وأحد عشر يوما وأمج (بالجيم وفتح أوله وثانيه، والأمج في اللغة: العطش) : بلد من أعراض المدينة. وقال أبو المنذر هشام بن محمد: أمج وغران: واديان يأخذان من حرة بنى سليم ويفرغان في البحر.
[ (1) ]الخصف: حصر تنسج من خوص النخل ومن الليف. فيسوى منها شقق تلبس بيوت الأعراب.
[ (2) ]المعافر: ثياب تنسب إلى قبيلة من اليمن. وأصله المعافري، ثم صار اسما لها بغير نسبة.
[ (3) ]الملاء: جمع ملاءة، وهي الملحفة. والوصائل: ثياب مخططة يمنية، يوصل بعضها إلى بعض.
صفحة ٢٤