(1) وأبيك يا سطيح، إن هذا لنا لغائظ موجع، فمتى هو كائن؟أفي زماني هذا، أم بعده؟قال: لا، بل بعده بحين، أكثر من ستين أو سبعين، يمضين من السنين قال: أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟قال: لا، بل ينقطع لبضع وسبعين من السنين، ثم يقتلون ويخرجون منها هاربين، قال: ومن يلي من ذلك من قتلهم وإخراجهم؟قال: يليه إرم (بن) [1] ذي يزن[2]، يخرج عليهم من عدن، فلا يترك أحدا منهم باليمن، قال: أفيدوم ذلك من سلطانه، أم ينقطع؟قال: لا، بل ينقطع، قال: ومن يقطعه؟قال: نبي[3] زكى، يأتيه الوحي من قبل العلي، قال: وممن هذا النبي؟قال: رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر، قال: وهل للدهر من آخر؟قال: نعم، يوم يجمع فيه الأولون والآخرون، يسعد فيه المحسنون، ويشقى فيه المسيئون قال: أحق ما تخبرني؟قال: نعم، والشفق والغسق، والفلق إذا اتسق، إن ما أنبأتك به لحق.
(ربيعة بن نصر وشق) :
ثم قدم عليه شق، فقال له كقوله لسطيح، وكتمه ما قال سطيح، لينظر أيتفقان أم يختلفان، فقال: نعم، رأيت حممة، خرجت من ظلمه، فوقعت بين روضة وأكمه، فأكلت منها كل ذات نسمه.
[ () ] (حتى إذا كان بجرش، وهي إذ ذاك خربة ومعد حالة حواليها، خلف جمعا ممن كان صحبه رأى فيهم ضعفا، وقال: اجرشوا هاهنا، أي أثيروا، فسميت جرش بذلك، ولم أجد في اللغويين من قال: إن الجرش المقام وقال أبو المنذر هشام: جرش: أرض سكنها بنو منبه بن أسلم، فغلبت على اسمهم، وهو جرش، واسمه منبه بن أسلم بن زيد، وإلى هذه القبيلة ينسب الغاز بن ربيعة. وفتحت جرش في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في سنة عشر للهجرة.
[ (1) ]زيادة يقتضيها السياق.
[ (2) ]المعروف: سيف بن ذي يزن، ولكنه جعله إرما، إما لأن الإرم هو العلم فمدحه بذلك، وإما أن يكون أراد تشبيهه بعاد إرم في عظم الخلق والقوة. (راجع الروض الأنف) .
[ (3) ]قد عمر سطيح زمانا طويلا بعد هذا الحديث، حتى أدرك مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وحتى رأى كسرى أنوشروان ما رأى من ارتجاس الإيوان، وخمود النيران، فأرسل كسرى عبد المسيح بن عمرو-وكان سطيح من أخوال عبد المسيح- فقدم عبد المسيح على سطيح، وقد أشفى على الموت، وله معه حديث تراه مبسوطا في كتب التاريخ.
2-سيرة ابن هشام-1
صفحة ١٧