(1)
أبو ذر الخشني
(نسبه) :
هو مصعب بن محمد بن مسعود بن عبد الله بن مسعود الجيانى الخشني، المعروف أيضا بابن أبى الركب.
والجيانى: نسبة إلى كورة واسعة بالأندلس، تجمع قرى كثيرة، وتتصل بكورة إلبيرة، مائلة عنها إلى ناحية الجوف، في شرقى قرطبة، وبينهما وبين قرطبة سبعة عشر فرسخا. والخشني: نسبة إلى خشين كقريش قرية بالأندلس، وقبيلة من قضاعة، وهو خشين بن النمر بن وبرة بن تغلب[1].
والمعروف أن أبا ذر بقي بجيان حتى شب، وقد سمع على أبيه، وأخذ عنه، وأنه لم يترك جيان إلا بعد أن تحول أبوه إلى غرناطة في آخر أيامه، وأن سنه عند ذاك كانت سن غلام إن أدرك العاشرة فلا يعدوها إلا بقليل -فالمدة بين ميلاد أبى ذر ووفاة أبيه أحد عشر عاما تقريبا-ثم رحل إلى فاس يسمع بها عن أبى عبيد الله النميري وأبى الحسن بن حسين وأبى عبد الله بن الرمامة، ثم إلى تلمسان يسمع بها عن أبى القاسم عبد الرحمن بن يحيى بن الحسن القرشي، وأبى مروان عبيد الله بن هشام الحضرمي، ثم إلى بجاية يسمع بها عن أبى بكر بن رزق وأبى العباس الخروبى وأبى إسحاق بن ملكون وأبى محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي.
ويظهر أن رحلاته إلى هذه البلاد الثلاثة كانت على الترتيب الذي سقناه، لا يرجح هذا لدينا مرجح، غير أن ابن الأبار هكذا ساقها مرتبة على هذا النحو، عند الكلام على شيوخ أبى ذر، فبدأ بفاس، ثم ثنى بتلمسان، ثم ختم ببجاية.
وسواء أكان هذا أم غيره، فقد عرفنا أن هذه البلاد الثلاثة نزلها أبو ذر. ثم نزل بعدها إشبيلية، لا مستمعا، ولكن خطيبا لمسجدها، وبقي فيها مدة، وكان إلى جانب الخطابة يقوم بتدريس العربية، ويقصده الطلاب الكثيرون. ثم ترك إشبيلية إلى جيان [ (1) ]انظر الجزء الثاني من خزانة الأدب في شرح الشاهد الثاني والثلاثين بعد الأربعمائة ص 529 من طبعة بولاق.
صفحة ٢١