(1) وإذا كنا قد انتهينا إلى هذا من حياة ابن إسحاق، فلا نجد بين أيدينا ما نختم به هذا المقال خيرا من عبارة ابن عدى، إذ يقول:
«ولو لم يكن لابن إسحاق من الفضل إلا أنه صرف الملوك عن الاشتغال بكتب لا يحصل منها شيء للاشتغال بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومبعثه، ومبتدأ الخلق، لكانت هذه فضيلة سبق بها ابن إسحاق، وقد فتشت أحاديثه الكثيرة فلم أجد ما تهيأ أن يقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ واتهم في الشيء بعد الشيء كما يخطئ غيره.
ولم يتخلف في الرواية عنه الثقات والأئمة، أخرج له مسلم في المبايعات، واستشهد به البخاري في مواضع، وروى له أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة»
ابن هشام
(نسبه) :
هو أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميرى، ومن الرواية من يرده إلى معافر بن يعفر، وهم قبيل كبير، نزح إلى مصر منهم جمهرة كبيرة، ومنهم من يرده إلى ذهل، كما يرده آخرون إلى سدوس. لا تكاد تجد في ذلك رأيا فاصلا. وهذا شأن كل رجل تنازعه أكثر من بلد، ولم يعش حيث نشأ بيته، وقرت أسرته، ثم لم يكن بيته-فوق هذا-من النسب بالمنزلة التي يحرص الناس على حفظها وروايتها.
(نشأته) :
نشأ ابن هشام بالبصرة، ثم نزل مصر. هكذا يحدثنا الرواة عنه، ولا يذكرون له حياة في غير هذين البلدين، ولكننا نظن أن حياة ابن هشام لم تكن محصورة في هذين المصرين، وخاصة في عصر كان العلم فيه يؤخذ سماعا، وكانت الرحلة في طلبه ديدن العلماء.
(مولده ووفاته) :
والقول في وفاة ابن هشام غير مقطوع فيه برأي، فبينما يذهب فريق إلى أن وفاته كانت سنة 218 ه. إذا بفريق آخر يحدثك أن وفاته كانت سنة 213 ه.
صفحة ١٧