(1) كان جده يسار من سبى عين التمر، وهي بلدة قديمة قريبة من الأنبار، غربي الكوفة، على طرف البرية، افتتحها المسلمون أيام أبى بكر سنة 12 ه، على يد خالد ابن الوليد، وبكنيسة عين التمر وجد خالد بن الوليد جد ابن إسحاق هذا بين الغلمة الذين كانوا رهنا في يد كسرى، وكان معه جد عبد الله بن أبى إسحاق الحضرمي النحوي، وجد الكلبي العالم، فجيء بيسار إلى المدينة.
(مولده ووفاته) :
ولد ابن إسحاق في المدينة، وترجح كتب التاريخ أن مولده كان سنة 85 ه.
أما وفاته فالأقوال فيها محصورة بين سنة 150 وبين 153 لا تكاد تعدو هذه السنين الأربع.
(نشأته وحياته) :
وليس من شك في أن ابن إسحاق خلع بالمدينة ثوب شبابه، ويحدثنا الرواة عنه بأنه كان فتى جميلا، جذاب الوجه، فارسى الخلقة، له شعرة حسنة. ومما يتصل بشبابه ومجونه-إن صح ما يقال عنه-ما حكاه ابن النديم من أن أمير المدينة رقى إليه أن محمدا يغازل النساء، فأمر بإحضاره وضربه أسواطا، ونهاه عن الجلوس في مؤخر المسجد.
وترك ابن إسحاق المدينة ورحل إلى غيرها منتقلا في أكثر من بلد، وفي ظننا أن رحلته إلى الإسكندرية-التي كانت سنة 115 ه-هي أولى رحلاته التي بدأ بها.
وفي الإسكندرية حدث عن جماعة من أهل مصر. منهم: عبيد الله بن المغيرة، ويزيد بن حبيب، وثمامة بن شفى، وعبيد الله بن أبى جعفر، والقاسم بن قزمان، والسكن بن أبى كريمة. وانفرد ابن إسحاق برواية أحاديث عنهم لم يروها لهم غيره ثم كانت رحلته إلى الكوفة، والجزيرة، والري، والحيرة، وبغداد، وفي بغداد-على الأرجح-ألقى عصا الترحال، والتقى بالمنصور، وصنف لابنه المهدي كتاب السيرة كما أسلفنا. ورواة ابن إسحاق من هذه البلدان أكثر ممن رووا عنه من أهل المدينة، بل المعروف أنه لم يرو له من أهل المدينة غير إبراهيم بن سعد وعاش ببغداد ما عاش حتى وافته منيته بها، فدفن في مقبرة الخيزران.
صفحة ١٤