(1)
(مختصر وسيرة ابن إسحاق) :
ولم نر بعد هؤلاء رجلا في علمهم تناول الكتاب بجديد في الشرح والتعليق، بل رأينا الهمم تنصرف من هذا إلى الاختصار، فجاء برهان الدين إبراهيم بن محمد المرحل الشافعي، فاختصر كتاب السيرة، وزاد عليه أمورا، ورتبه في ثمانية عشر مجلسا. وسماه: «الذخيرة، في مختصر السيرة» . وكان فراغه منه سنة 611 ه.
ثم جاء بعده عماد الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الواسطي، فاختصره في كتاب سماه: «مختصر سيرة ابن هشام» ، وفرغ منه-فيما يقال-سنة 711 ه.
(ناظمو سيرة ابن إسحاق) :
ثم رأينا بعد هؤلاء فئة النظاميين الذين لم يكن همهم إلا أن يصبوها في قالب جديد هو الشعر. فنظمها أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن سعيد الدميري الديرينى المتوفى في حدود سنة 607 ه، وأبو نصر الفتح بن موسى بن محمد نجم الدين المغربي الخضراوى المتوفى سنة 663 ه، كما نظمها أبو بكر محمد بن إبراهيم بن محمد النابلسي المعروف بابن الشهيد، والمتوفى سنة 793 ه. وسمى كتابه «الفتح القريب» ، ثم أبو إسحاق الأنصاري التلمساني.
هذا هو حظ كتاب ابن إسحاق، تناولته يد بعد يد، مرة بالجمع والتعقيب كما رأيت، وأخرى بالشرح والتفصيل، وثالثة بالاختصار، ورابعة بوضعه في ثوب جديد هو النظم.
فابن إسحاق-في الحقيقة-هو عمدة المؤلفين الذين اشتغلوا بوضع السير بعده، حتى يمكننا أن نقول: ما من كتاب وضع في السيرة بعد ابن إسحاق إلا وهو غرفة من بحرة. هذا إذا استثنينا رجلا أو اثنين كالواقدى وابن سعد.
ابن إسحاق
(نسبه) :
هو محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار، ويقال: ابن كوثان، أبو بكر، ويقال أبو عبد الله، المدني القرشي، مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف.
صفحة ١٣