ومر بنا أن الأمير الساماني نصر بن أحمد طلب إلى فنانين صينيين أن يوضحوا بالصور بعض مخطوطات الترجمة التي نظمها الشاعر رودكي لكتاب كليلة ودمنة.
14
والمعروف أن بلاد ما وراء النهر وبلاد التركستان كانت في عصر الدولة السامانية (261-389ه/774-999م) أزهر الأقاليم الإسلامية؛ فكان بلاط أمرائها مجمع العلماء والأدباء والفنانين، وذاع صيت بخارى وسمرقند في أنحاء العالم الإسلامي، ولا ريب في أن بعض الصناع والفنانين من أهل الصين كان يقيم في تلك الأقاليم ويكسب عيشه بالعمل فيها؛ فإن كثيرين من أهل الصين كانوا يهاجرون إلى الأقاليم الغربية في بلادهم وإلى آسيا الوسطى ثم إلى الأصقاع الشرقية من الإمبراطورية الإسلامية.
وقد جاء ما يؤيد ذلك في يوميات راهب صيني سافر إلى إيران بطريق آسيا الوسطى بين عامي 1221 و1224 بعد الميلاد (618 و621 هجرية)؛ إذ كتب عند الكلام عن سمرقند: «إن الصناع الصينيين كانوا يعيشون هناك في كل مكان.»
15
وقد جاء في عدة مواضع من الشاهنامه ذكر التحف الواردة من الصين، من ذلك إشارة إلى جارح أسود، كان أكرم الجوارح على الملك بهرام، وكان الخاقان - ملك الصين - قد أهداه إليه «مع جملة من الهدايا والتحف وسائر ما يجلب من أرض الصين».
16
والمعروف أن أمير بغداد، حين لقب بمالك الدولة في سنة (423ه /1031م)، بعث للخليفة ألطافا كثيرة، كان منها ثلاثمائة مبخر صيني.
17
وكان بين الكنوز الفنية التي جمعها خلفاء الفاطميين ووزراؤهم مقادير كبيرة من الخزف الصيني، وقد فصلنا الكلام عن ذلك في كتابنا كنوز الفاطميين (ص68-70).
صفحة غير معروفة