حد الجار والجوار
وحد الجار كما ذهب الشافعية والحنابلة أربعون دارًا من كل جانب، من الأمام والخلف واليمين والشمال، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: (حق الجار أربعون دارًا هكذا وهكذا وهكذا) وبعضهم ضيق فقال: الجار هو الملاصق من جميع الجهات، أو المقابل له، بينهما شارع ضيق، فلا يفصل بينهما نهر متسع أو سوق كبير ونحو ذلك، وبعضهم عرفه بأنه: ما يجمعهما مسجد أو مسجدان متقاربان، وبعضهم قال: إن العرف هو الذي يضبط قضية الجوار، وحملوا حديث الأربعين على التكرمة والاحترام، ككف الأذى ودفع الضرر، والبشر في الوجه والإهداء، وإلى غير ذلك.
ولاشك أن الملاصق أولى الناس بأن يطلق عليه اسم الجار، ويقال حتى للساكن معك في المدينة: جاوره فيها، كما قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الأحزاب:٦٠] ولما استعظم حق الجار عقلًا وشرعًا عبر عن كل من يعظم حقه بالجار، كما قال تعالى: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء:٣٦] وقد تُصور من الجار معنى القرب، فقيل لمن يقرب من غيره: جاره وجاوره وتجاور معه.
ثم إن جمع جار جيران، والاسم هو الجوار، ويقال للمشارك في العقار والمقاسم: جار أيضًا.
وأما بالنسبة لحقه فإن حقه عظيم جدًا، وقد قال الله ﷾: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء:٣٦].
وإذا أردنا أن نضبط الجار بالعدد؛ فإن أقرب التعريفات التي مرت معنا والتي يسندها الدليل: أربعون جارًا من كل جانب من الجوانب.
4 / 3