المناظر يذكر ما له وما عليه
ثم من أدب الحوار أن الإنسان يذكر ما له وما عليه، يعني: لو أراد أن يناقش في مسألة فقهية؛ كطهارة الدم، أو قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية وراء الإمام، أليس الطرفين في مسائل خلافية؟ أليس لكل منهما أدلة؟ بلى.
فإذًا نورد ما لهذا القول وما عليه، وليس له أن يخفي أدلة الفريق الآخر، فإنه ليس من الإنصاف، بل هو من اللبس والتلبيس -إخفاء وكتم- ولذلك بعض الجهلة إذا أرادوا النقاش مع النصارى يخفون فضائل عيسى ﵇، يقولون: نتحدث بفضائل محمد ﵊، بل بعضهم يبتدع، لما رأوا الرافضة يسبون أبا بكر وعمر قال واحد منهم:
سبوا عليًا كما سبوا عقيقكم كفرٌ بكفرٍ وإيمانٌ بإيمان
أي: واحدة بواحدة.
فإذًا عندما ندخل في حوار فلابد أن نقيم الوزن لحجج الطرف الآخر، وفي كثير من الأحيان -خصوصًا في المسائل الاجتهادية والآراء- لا تستطيع أن تزن رأي الآخر، لكن تقول: يا أخي! هناك رأيان، وأرى أن أدلة هذا الرأي أقوى وأرجح فقط، أما أن تقول هذا حق وهذا باطل، فهذا لا يأتي في المسائل الاجتهادية، وإلا ما صارت اجتهادية ولا حدث الخلاف فيها، ولكن نتكلم الآن على قضية الرجحان.
سنكمل -إن شاء الله- بقية الموضوع في الحلقة القادمة
5 / 18