السلام -: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» (1).
نكتة . فإن قلت. الحكمة في إثبات لفظ الشهر في الآية وإسقاطه من الحديث؟ وما الفرق بينهما؟ فالجواب : إن في إثباته في الآية فائدتين :
احداهما: أن القاعدة أن أسماء الشهور كمحرم، وصفر ورمضان إذا وقع الفعل عليها تناول جميعها وانتصب انتصاب المفعول على السعة ولا تكون ظروفا مقدرة بفي، لأنها لا أصل لها في الظرفية، لأنها أعلام، فلو قال تعالى: ( رمضان الذي أنزل فيه القرآن } لاقتضى اللفظ وقوع الانزال فيه جميعه، وإنما نزل في ليلة واحدة منه، فى ساعة منها، فكيف يتناول جميع الشهر؟ فكان ذكر الشهر» - الذي هو غير علم - موافقا للمعنى كما تقول : «سرت شهر كذا» ، فلا بكون السير متناولا لجميع الشهر.
الفائدة الثانية: / إن في ذكر الشهر تبيينا للأيام المعدودات لأن الأيام (19/آ] نتبين بالأيام وبالشهر ونحوه . ولا تتبين بلفظ {رمضان} ، لأنه كما تقدم لفظ مأخوذ من مادة أخرى، وهو علم، وأما قوله - عليه السلام.: «من قام رمضان» قالفائدة في إسقاط الشهر منه تناول القيام، جميع الشهر .
فلو قال - عليه السلام-: «من قام شهر رمضان» لصار ظرفا مقدرا يفى ولم بتناول القيام جميعه. فرمضان في هذا الحديث مفعول على السعة، مثل قوله تعالى: {قم الليل إلا قليلا )(2) لأنه لو كان ظرفا لم يحتج إلى قوله : {إلا قليلا، وقد اتضح الفرق بين الحديث والآية .
فإن فهمت فرق ما بينهما بعد تأمل ما ذكرنا، لم تعدل عندك هذه الفائدة جميع الدنيا [بحذافيرها](3)، والله المستعان على واجب شكرها.
صفحة ١٩٥