ونقل من (التصفية) للديلمي، عن بلال أنه قال: أذنت أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لصلاة العتمة، وانتظرت خروج رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم فلم يخرج من الدار، فدخلت عليه فوجدته ساجدا ويسيل من دمعه نهر فقلت: يا رسول الله، الصلاة فرفع رأسه من السجود، (فقلت) (1): بأبي وأمي أنت يا رسول الله، أشر أصابك ؟ فقال: ((نزل جبريل، وقال (لي) (2): يا محمد، إن صلواتك، وصومك، وحجك حسن، ولكن انظر بعين العبرة إلى القدرة إلى السماء مع طوله وعرضه وغلظة وتأليفه وهو معلق بلا علاق ولا عمد، فانظر بعين العبرة إلى قدرتي، فتفكر ساعة في هذا أحب إلي من عبادة (العباد) (3) ألف سنة))(4)، وفيه: ((الفكرة مخ العقل)) وفيه: ((الفكرة تذهب الغفلة، وتحدث الخشية، كما يحدث الماء الزرع والنبات، ما استنارت القلوب بمثل الفكرة، ولا جليت بمثل الأحزان)) وفيه: ((إنما فضل الفكر على سائر العبادات، بثلاث: أولها أنه من أمر الغيب، وذلك غاية التصديق، وثانيها: أنه لا يحسد صاحبه، ولا (يدخل) (5) رياء، وذلك غاية الإخلاص، وثالثها: (أنه) (6) لا سبيل للشيطان عليه، وذلك غاية السلطان)).
وفتح يوما كتاب (التصفية) للديلمي ( رحمه الله تعالى) وقد علمه بخيط من صوف، قال:فيها فائدة شافية كافية، اعلم أن التفكر على خمسة أوجه:
الأول: في صنع الله وعظمته وقدرته، فمنه تتولد المعرفة.
الثاني: في نعمائه وإحسانه، فمنه تتولد المحبة.
الثالث: في وعده ووعيده وشدة انتقامه، فمنه يتولد الخوف والزهد والورع وترك الاشتغال.
الرابع: في ألطافه وحسن صفاته وإرادته لصلاحك ورشادك، فمنه يتولد الرجاء والرغبة والمواظبة على ما يقرب إليه.
صفحة ١٢٤