وعن شيخ الصدق الحسن البصري، قال: للمصلي ثلاث كرامات: الأولى: تتناثر عليه الرحمة والبر على رأسه من عنان السماء إلى مفرق رأسه، الثانية: أن الملائكة تحف به من موضع قبره(1) إلى عنان السماء، الثالثة: أن الملائكة لا تزال تنادي: لو يعلم هذا العبد من يناجي ما انفتل من صلاته.
وروي: أن شابا تقيا لزم المسجد والعزلة فقيل له: لو خالطت في حلق العلماء؟ فقال: لا حاجة لي فيهم إذا أردت أن أناجي ربي قمت (إلى الصلاة)(2)، وإذا أردت [أن](3) يناجيني قرأت كتابه؛ لأنه تعالى يخاطبني (يا عبدي اتقيني، اعبدني يا عبدي، اذكرني. يا عبدي، اقدرني حق قدري)(4).
وقيل: إن للصلاة(5) اثني عشر ألف مسألة قبلها وفيها وبعدها، ولابد من ذكر صلاة أهل الصدق والوفاء -إن شاء الله تعالى- في صفة خلوة سيدي إبراهيم الكينعي رضي الله عنه.
إخواني: إذا هب عليكم نسيم التعارف سحرا، وآنستم ما قرع سمع الكليم حين سرى، وشممتم من روائح القوم مسكا وعنبرا، ولاحت لكم أعلام خيامهم زهرا، وفجر حجر مغناطيسهم من حجر قلوبكم نهرا، وشاهدتم معنى: عند الصباح يحمد القوم السرى، فانظروا إلى ما لمحت أعيان عيون البصائر، وتبلجت الأفئدة بطمأنينة(6) عنده، وتبلجت الضمائر من الآيات المبشرات، والأحاديث المنبهات، والحكايات المشوقات، فإن ما لت إلى الكتاب العزيز فهو الشفاء والحصن الحريز، انتهزتم الفرص، ولزمتم للنفوس الرفض فإنها كالطير إذا خرج من القفص، أقبلتم على تلاوته بكلكم، وعكفتم عليه دهركم، ورتلتموه ترتيلا، ووقفتم على كل آية طويلا، وسمعتموه من الحملة الخاشعين، وجربتم وجزمتم به أنفسكم مع المجتهدين(7).
صفحة ٤١