إخواني، أمدكم الله بالألطاف وآمنكم مما يحاذر ويخاف، أما مر بأسماعكم، وتكرر على ألسنتكم ما قال ربكم: {في كتاب مكنون، لا يمسه إلا المطهرون، تنزيل من رب العالمين}[الواقعة:79، 80] {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب}[الحشر:7]. ولله در صاحب (الصراط) حيث يقول: ليس الطريق إلى الله إلا بمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم. وكل علم أو حكم ليس إلا من هذين البحرين العذبين، والعمودين الباسقين؛ كتاب الله فيه نبؤ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وعزائم أحكام ربكم، وسنة نبيكم، وشريعة هاديكم:{ياأيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبر، وثيابك فطهر، والرجز فاهجر}[المدثر:1-5]. في بعض التفاسير الرجز: حب الدنيا {ياأيها المزمل، قم الليل إلا قليلا، نصفه أو انقص منه قليلا، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا}[المزمل:1-4]إلى قوله:{إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك}[المزمل:20] رضي الله عنهم.
ولله در القائل:
تنبه يا هذا النوم المدثر ... فهذي تباشير الصباح تنور
(يبشر)(1) بالغفران من بات ليله ... حليف سهاد خوف نار تسعر
وأشرق عنه ليله وهو ساجد ... وأدمعه من خشية تتحدر
ينادي بإخلاص وخوف ورغبة ... لك العز يا مولاي إني مقصر
وأنت قرير العين يلهو بك الكرا ... تمر بك الساعات لا تتفكر
كأنك مما مر بالناس آمن ... وأنت إذا مهلت(2) باق معمر
فدع عنك تطواع الهوى واتباعه ... وشمر فقد فاز المجد المشمر
وبادر صلاة الليل قبل انسلاخه ...فقد أسمع الداعى وأبلى المدثر
صفحة ٢٣