المكتفى مدينة السلام صبيحة يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الاول وقد قدم بين يديه الاسرى مقيدين على جمال عليهم دراريع الحرير وبرانس الحرير والمطوق وسطهم وهو غلام ما نبتت لحيته بعد قد جعل في فيه خشبة مخروطة وألجم بها في فمه كهيئة اللجام ثم شدت إلى قفاه وذلك أنه لما دخل الرقة كان يشتم الناس إذا دعوا عليه ويبزق في وجوههم فجعل له هذا لئلا يتكلم ولا يشتم ثم أمر المكتفى ببناء دكة في المصلى العتيق بالجانب الشرقي في ارتفاعها عشرة أذرع لقتل القرامطة وكان خلف المكتفى وراءه محمد بن سليمان الكاتب بجملة من قواد القرامطة وقضاتهم ووجوههم فقيد جميعهم ودخلوا بغداد بين يديه يوم الخميس لاثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع الاول وقد أمر القواد بتلقيه والدخول معه فدخل في أتم ترتيب حتى إذا صار بالثريا نزل بها وخلع عليه وطوق بطوق من ذهب وسور بسوارين من ذهب وخلع على ميع القواد القامين معه وطوقوا وسووا ثم صفوا إلى منازلهم وأمر بالاسرى إلى السجن وذكر عن صاحب الشامة أنه أخذ وهو في حبس المكتفى سكرجة من المادة التى كانت تخل عليه وكغرها وأخذ شظية منها فقطع بها بعض عروقه وخرج منه دم كثير حتى شدت يده وقطع دمه وترك أياما حتى رجعت إليه قوته ولما كان يوم الاخرنين لسبع بقين من ربيع الاول أمر المكتفى القواد والغلمان بحضور الدكة في المصلى العتيق وخرج من الناس خلق كثير وحضر الواثقي وهو يلى الشرطة بمدينة السلام ومحمد بن سليمان كاتب الجيش فقعدوا على الدكة في موضع هيئ لهم وحمل الاسرى الذين جاء بهم المكتفى والذين جاء بهم محمد بن سليمان ومن كان في السجن من القرامطة وقوم من أهل بغداد ذكر أنهم على مذاهبهم وقوم من سائر البلدان من غير القرامطة حبسوا لجنايات مختلفة فأحضر جميعهم الدكة ووكل بكل رجل منهم عونان وقيل إنهم كانوا في نحو ثلثمائة وستين
صفحة ٤