صلة الأرحام
مفهوم، وفضائل، وآداب، وأحكام
في ضوء الكتاب والسنة
تأليف الفقير إلى الله تعالى
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
صفحة غير معروفة
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في <صلة الأرحام> بيَّنت فيها مفهوم صلة الأرحام، لغة واصطلاحًا، ومفهوم قطيعة الأرحام لغة واصطلاحًا، ثم ذكرت الأدلة من الكتاب والسنة الدالة على وجوب صلة الأرحام، وتحريم قطيعة الأرحام.
والله أسأل أن يجعل هذا العمل مباركًا، نافعًا،
1 / 3
خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كلَّ من انتهى إليه؛ فإنه تعالى خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليم العظيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المؤلف: أبو عبد الرحمن
حرر بعد عصر يوم الخميس الموافق ٢/ ٥/١٤٢٦هـ بمدينة الرياض
1 / 4
أولًا: مفهوم صلة الأرحام: لغة وشرعًا:
لغة: صلة: يقال: وصلتُ الشيء بغيره وصلًا، فاتصل به، وَوَصَلْتُهُ وصلًا، وصلةً، ضد: هجرته، وواصلته مواصلةً ووصالًا (١)، وهو مصدر وصل الشيء بالشيء: ضمّه إليه وجمعه معه (٢).
قال ابن الأثير ﵀: «تكرر في الحديث ذكر صلة الرحم: وهي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب، والأصهار، والتعطف عليهم، والرفق بهم، والرعاية لأحوالهم، وكذلك إن بَعُدُوا أو أساءوا، وقطعُ الرحم ضِدُّ ذلك كله، يقال: وَصَل رَحِمَهُ يَصِلُهَا وَصْلًا وَصِلَةً، والهاء فيها عوض من الواو المحذوفة، فكأنه بالإحسان إليهم قد وصل
_________
(١) المصباح المنير (٢/ ٦٦٢)، ومختار الصحاح (ص ٣٠٢).
(٢) معجم لغة الفقهاء (ص ٤٧٥).
1 / 5
ما بينه وبينهم: من عَلاقة القرابة والصِّهرِ» (١).
وصلة الرحم اصطلاحًا: الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول: فتارة تكون بالمال، وتارة بالخدمة، وتارة بالزيارة، وتارة بالسلام (٢) [وتارة بطلاقة الوجه، وتارة بالنصح، وتارة برد الظلم، وتارة بالعفو والصفح وغير ذلك من أنواع الصلة على حسب القدرة والحاجة والمصلحة].
ثانيًا: مفهوم قطيعة الأرحام لغة واصطلاحًا:
لغة: يقال: قطعتُ الثمرة: جَدَدْتُها، وقطعت الصديق قطيعة: هجرته، وقطعته عن حقه: منعته (٣). وهو مصدر قطع جمع قطائع: الهجر وعدم
_________
(١) النهاية في غريب الحديث (٥/ ١٩١ - ١٩٢).
(٢) القاموس الفقهي لغة واصطلاحًا، لسعدي أبو جيب، (ص ١٤٥)، وانظر: لغة الفقهاء (ص ٤٧٥).
(٣) المصباح المنير (٢/ ٥٠٩).
1 / 6
الاتصال مع منع الخير (١).
قال ابن الأثير ﵀: «القطيعة: الهجران والضَّدُّ، وهي فعلية، من القطع، ويُريدُ به ترك البرِّ والإحسان إلى الأهل والأقارب، وهي ضدُّ صلة الرحم» (٢).
وقطيعة الرحم اصطلاحًا: هجر القريب، وترك وصله، والإحسان إليه (٣).
ثالثًا: صلة الأرحام من أعظم الواجبات، وأفضل الطاعات، وقطيعتها من أعظم الذنوب وأخطر الآفات؛ للأدلة من الكتاب والسنة الصحيحة الصريحة على النحو الآتي:
١ - أمر الله ﷿ بصلة الأرحام، فقال:
_________
(١) لغة الفقهاء (ص ٣٣٥).
(٢) النهاية في غريب الحديث (٤/ ٨٢).
(٣) لغة الفقهاء (ص ٣٣٥).
1 / 7
﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾.
وقال الله ﷿: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ (٢).
وقال سبحانه: ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (٣).
وقال ﷿: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ (٤).
_________
(١) سورة النساء، الآية: ٣٦، وانظر: أحكام القرآن لعماد الدين الطبري الهراس (٢/ ٣٧١).
(٢) سورة الإسراء، الآية: ٢٦.
(٣) سورة الروم، الآية: ٣٨.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢١٥.
1 / 8
وقال ﵎: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (١). وبين الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: أن المعنى لقوله تعالى: ﴿فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ أي في حكم الله، وأنها ليست خاصة بالأرحام الذين يذكرهم علماء الفرائض الذين ليس لهم فرض، وليسوا من العصبة، بل الحق أن الآية عامة تشمل جميع القرابات، كما نص عليه ابن عباس ﵄ وغيره (٢).
وقال تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾ (٣). أي القرابات أولى بالتوارث من المهاجرين والأنصار، وهذه ناسخة لما كان قبلها من
_________
(١) سورة الأنفال، الآية: ٧٥.
(٢) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (ص ٥٩٥).
(٣) سورة الأحزاب، الآية: ٦.
1 / 9
التوارث بالحلف والمؤاخاة التي كانت بينهم كما قال ابن عباس ﵄ وغيره (١).
وقال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (٢). والمعنى: اتقوا الله بطاعتكم إياه، واتقوا الأرحام أن تقطعوها ولكن برّوها وصلوها، قاله ابن عباس ﵄ وغيره (٣).
٢ - صلة الأرحام يزيد الله بها في العمر، ويبسط في الرزق، ويصل من وصلها، وهي من أسباب المحبة بين الأهل والأقارب.
فعن أنس بن مالك ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: «من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في
_________
(١) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (ص ١٠٥٢).
(٢) سورة النساء، الآية: ١.
(٣) تفسير القرآن العظيم، (ص ٢٩٣).
1 / 10
أثره (١) فليصل رحمه» (٢).
وعن أبي هريرة ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من سره أن يُبسط له في رزقه،
_________
(١) ينسأ له في أثره: أي يؤخر له في أجله، وبسط الرزق: توسيعه وكثرته، وقيل: البركة فيه. وأما التأخير في الأجل، فقيل: هذه الزيادة بالبركة في عمره والتوفيق للطاعات، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك، ورجحه النووي. وقيل: إن التأجيل في العمر بالنسبة لما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ، ونحو ذلك، فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة، إلا أن يصل رحمه فإن وصلها زيد له أربعون، وقد علم الله ﷿ ما سيقع من ذلك وهو من معنى قوله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ فيه النسبة إلى علم الله تعالى وما سبق به قدره، ولا زيادة بل هي مستحيلة، وبالنسبة لما ظهر للمخلوقين تتصور الزيادة، وهو مراد الحديث. وقيل: إن المراد بقاء ذكره الجميل بعده فكأنه لم يمت، حكاه القاضي، وهو ضعيف أو باطل والله أعلم. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (١٦/ ٣٥٠).
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم (٧/ ٩٦) برقم ٥٩٨٦ ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها (٤/ ١٩٨٢) برقم ٢٥٥٧.
1 / 11
وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه» (١).
وعن عائشة ﵂ أن النبي ﷺ قال لها: «إنه من أُعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم، وحسن الخلق وحسن الجوار، يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار» (٢).
وعن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم؛ فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراةٌ في المال، مَنْسَاةٌ (٣) في الأثر» (٤).
_________
(١) البخاري، كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم، برقم ٥٩٨٥.
(٢) مسند الإمام أحمد (٦/ ١٥٩). قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١٠/ ٤١٥): «رجاله ثقات» وصحح إسناده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ٥١٩.
(٣) قال الترمذي في سننه: منسأة في الأثر، يعني زيادة في العمر (٤/ ٣٥١).
(٤) أخرجه الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في تعليم النسب (٤/ ٣٥١)، برقم ١٩٧٩، وأحمد في المسند (٢/ ٣٧٤)، والحاكم وصححه ««ووافقه الذهبي (٤/ ١٦١)، وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ٢٧٦: «إسناده جيد، ورجاله ثقات».
1 / 12
وعن جبير بن مطعم ﵁ أنه سمع عمر بن الخطاب ﵁ يقول على المنبر: «تعلموا أنسابكم، ثم صلوا أرحامكم، والله إنه ليكون بين الرجل وبين أخيه الشيء، ولو يعلم الذي بينه وبينه من داخلة الرحم (١)؛ لأوزعه ذلك عن انتهاكه» (٢).
وعن ابن عباس ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: «اعرفوا أنسابكم تصلوا أرحامكم؛ فإنه لا قرب لرحم إذا قطعت وإن كانت قريبة، ولا
_________
(١) داخلة الرحم: علامة القرابة. فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد، لفضل الله الجيلاني (١/ ١٥٥).
(٢) أخرجه البخاري في الأدب المفرد في باب: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم (ص ٣٩)، برقم ٧٢، وحسن إسناده الألباني في صحيح الأدب المفرد (ص ٥٥).
1 / 13
بعد لها إذا وصلت وإن كانت بعيدة» (١).
وزاد البخاري في الأدب المفرد موقوفًا على ابن عباس ﵄: «... وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة إن كان وصلها، وعليه بقطيعة إن كان قطعها» (٢).
٣ - صلة الأرحام من أول الأمور المهمة التي دعا إليها النبي ﷺ في أول بعثته، ففي حديث سفيان ابن حرب: أن هرقل عظيم الروم قال له حينما سأله عن رسالة النبي ﷺ «ماذا يأمركم؟ قال: أبو سفيان: قلت: يقول: «اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا،
_________
(١) أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (٤/ ١٦١)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ٢٧٧.
(٢) الأدب المفرد ص (٣٩)، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (ص٥٦)، وقال في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ٢٧٧ في هذه الزيادة: «وهذا سند على شرط البخاري في صحيحه، ولكنه موقوف بيد أن من رفعه ثقة حجة وهو الإمام الطيالسي وزيادة الثقة مقبولة».
1 / 14
واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والعفاف، والصلة» (١).
٤ - واصل رحمه لا يخزيه الله تعالى، وتكون قوة إيمانه وخشيته لله على حسب صلته برحمه؛ ولهذا كان النبي ﷺ أوصل الناس لرحمه كما قالت أم المؤمنين خديجة ﵂ له: «... كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقريء الضيف، وتعين على نوائب الحق ...» (٢).
٥ - صلة الأرحام من أسباب دخول الجنة، فعن أبي أيوب الأنصاري ﵁ أن رجلًا
_________
(١) البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ؟ برقم ٧.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي؟ برقم ٣، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ، برقم ١٦٠.
1 / 15
قال: يا رسول الله! أخبرني بعمل يدخلني الجنة، فقال ﷺ: «تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم» (١).
وعن عبد الله بن سلام ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: «أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» (٢).
٦ - صلة الرحم من أحب الأعمال إلى الله تعالى بعد الإيمان بالله؛ لحديث رجل من خثعم قال: أتيت
_________
(١) البخاري، كتاب الأدب، باب فضل صلة الرحم (٧/ ٩٥)، برقم ٥٩٨٣.
(٢) أخرجه ابن ماجه، كتاب الأطعمة، باب إطعام الطعام، برقم ٣٢٥١، واللفظ له، والترمذي، كتاب صفة القيامة، باب حدثنا محمد بن بشار، وقال: هذا حديث صحيح، برقم ٢٤٨٥، وأحمد في المسند (١/ ١٦٥)، و(٢/ ٣٩١) والدارمي في سننه، (١/ ١٥٦)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (٣/ ٢٣٩)، وفي صحيح سنن ابن ماجه (١/ ٢٢٣) وفي صحيح سنن الترمذي (٢/ ٣٠٣).
1 / 16
النبي ﷺ وهو في نفر من أصحابه، فقلت: أنت الذي تزعم أنك رسول الله؟ قال: «نعم» قال: قلت: يا رسول الله! أيّ الأعمال أحب إلى الله؟ قال: «الإيمان بالله» قال: قلت: يا رسول الله! ثم مه؟ قال: «ثم صلة الرحم» قال: قلت: يا رسول الله ثم مه؟ قال: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، قال: قلت: يا رسول الله! أي الأعمال أبغض إلى الله؟ قال: «الإشراك بالله» قال: قلت: يا رسول الله! ثم مه؟ قال: «ثم قطيعة الرحم» قال: قلت: يا رسول الله! ثم مه؟ قال: «ثم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف» (١).
٧ - صلة الرحم وصية رسول الله ﷺ -.
_________
(١) أبو يعلى في مسنده برقم ٦٨٣٩، وقال المنذري في الترغيب والترهيب (٣/ ٣٠٥): «رواه أبو يعلى بإسناد جيد» وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٢/ ٦٦٧).
1 / 17
لحديث أبي ذر ﵁ قال: «أوصاني خليلي ﷺ بخصال من الخير: أوصاني أن لا أنظر إلى من هو فوقي، وأن أنظر إلى من هو دوني، وأوصاني بحب المساكين، والدنوِّ منهم، وأوصاني أن أصل رحمي وإن أدبرت، وأوصاني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مرًّا، وأوصاني أن أكثر من: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها كنز من كنوز الجنة» (١).
٨ - صلة الرحم من أسباب النجاة من العقوبة؛ لأن قطيعة الرحم تسبب العقوبة، في الدنيا والآخرة.
_________
(١) ابن حبان في صحيحه (٢/ ١٩٤)، برقم ٤٤٩، والطبراني في المعجم الكبير (٢/ ١٥٦) برقم ١٦٤٨، وفي الأوسط والصغير (٧/ ٢٣٦) [مجمع البحرين] برقم ٤٣٧٧، وصححه شعيب الأرنؤوط في تخريجه لصحيح ابن حبان وصححه الألباني في صحيح الترغيب (٢/ ٦٦٩).
1 / 18
فعن أبي بكرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «ما من ذنبٍ أجدرُ أن يعجّل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مَعَ ما يَدَّخرُ له في الآخرة: من البغي، وقطيعة الرحم» (١).
وعن جبير بن مطعم ﵁ عن
النبي ﷺ أنه قال: «لا يدخل الجنة قاطع» (٢)، يعني قاطع رحم (٣)، ولفظ أبي داود: «لا يدخل الجنة قاطع
_________
(١) أبو داود، كتاب الأدب، باب في النهي عن البغي (٤/ ٢٧٦) برقم ٤٩٠٢، والترمذي، كتاب صفة القيامة، بابٌ: حدثنا علي بن حجر (٤/ ٦٦٤) برقم ٢٥١١، وقال: «هذا حديث حسن صحيح»، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد، باب عقوبة قاطع الرحم في الدنيا (١/ ١٤٧) برقم ٦٧، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ٩١٧، ٩٧٦. وفي صحيح الأدب المفرد (ص ٥٣).
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب إثم القاطع (٧/ ٩٥)، برقم ٥٩٨٤، ومسلم، بلفظه، كتاب البر والصلة، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها (٤/ ١٩٨١) برقم ٢٥٥٦.
(٣) من رواية مسلم المتقدمة برقم ٢٥٥٦.
1 / 19
رحم» (١).
وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذِ بك من القطيعة». قال: «نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟» قالت: بلى يا رب، قال: «فهو لك»، ثم قال رسول الله ﷺ: «اقرؤوا إن شئتم ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (٢٢) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (٢٣) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ (٢).
وعن عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: «الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني
_________
(١) أبو داود، كتاب الأدب، بابٌ في صلة الرحم برقم ١٦٩٦.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب من وصل وصله الله (٧/ ٩٦)، برقم ٥٩٨٧، ومسلم بلفظه، كتاب البر والصلة، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها (٤/ ١٩٨٠) برقم ٢٥٥٤، والآيات من سورة محمد ٢٢ - ٢٤.
1 / 20
وصله الله، ومن قطعني قطعه الله» (١).
وعن عبد الرحمن بن عوف ﵁ أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «قال الله ﷿: أنا الرحمن، وأنا خلقت الرحم، وشققت لها من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بَتَتُّهُ» (٢).
وعن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: «الرحم شجنة، من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلتُه، ومن قطعك قطعتُهُ» (٣).
وعن عائشة ﵂ عن النبي ﷺ قال:
_________
(١) مسلم، كتاب البر والصلة، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها (٤/ ١٩٨١) برقم ٢٥٥٦.
(٢) البخاري في الأدب المفرد، باب فضل صلة الرحم (ص ٣٣)، برقم ٥٣، بلفظه، وأبو داود، في كتاب الزكاة، باب في صلة الرحم (٢/ ١٣٣) برقم ١٦٩٤، والترمذي، وصححه في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في قطيعة الرحم (٤/ ٣١٥)، برقم ١٩٠٧، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ٥٢٠، وصحيح الأدب المفرد (ص ٤٩).
(٣) البخاري، كتاب الأدب، بابٌ: من وصل وصله الله، برقم ٥٩٨٨.
1 / 21