ليلة راقصة في يخت الفاتح العظيم، إنه لتعطف جميل يشمل الأوانس والشبان، ولا يزدريه الشيوخ، ولكن الرياح لا تجري بما تشتهي السفن دائما؛ ففي الليلة السابقة لليلة اليخت الراقصة شبت في مخازن نبال النار فاندلعت ألسنتها في كل جانب، والتهمت قسما من ثروة المدينة.
وعندما انبلج الفجر فأشرقت الشمس على ركام سوداء تحت سقوف هاوية، وبين جدران متهدمة، اندلعت ألسن الظن والغل، فقال الناس: «غربي خبيث، يبسم لنا في النهار ويحرق مدينتنا في الليل، غربي أثيم يسقينا الشمبانيا لينسينا البنزين.»
غضب الفاتح المسكين غضبة البريء وقال: «أقسم بالله إنها بقضاء وقدر.»
7
أنير اليخت بالكهرباء، وعزفت فيه الموسيقى، واصطف الخدم لاستقبال الناس، فتقاطرت إليه الأوانس والشبان من مدينة نبال، وجاء كذلك كبار القوم يتقدمهن نساؤهم وبناتهم.
دارت رحى السرور التي تطحن القلوب والعقول، ثم دوت كالبنادق زجاجات الشمبانيا، فثمل الناس وهم على رمية نبل من الحريق الذي كان لا يزال يرسل إلى السماء من أنفاسه المتقطعة لهيبا ودخانا.
استمر الرقص حتى انبلج الفجر على تلك الركام والطلول، فاستفاق إذ ذاك الفاتح وقد اكفهر منه الجبين، استفاق من ثمله فأحس بما يلتهب كذلك في قلوب النباليين إخوان الراقصين والراقصات، وقد قال في نفسه: لو أجلنا الليلة الراقصة! نعم كان من الواجب أن نؤجلها.
ثم قال يهون الأمر: «ولكن كبار نبال لم يفكروا في ذلك، فقد بادروا إلى الحفلة حتى رئيسهم الأكبر، فإذا كانوا هم لا يشعرون بالنكبة؛ فهل ألام أنا الأجنبي؟»
ولكنه عندما سمع في اليوم التالي صوت المدينة المنكوبة تردده صحافتها وتجارها ونساؤها، ذكر تلك الكلمة النبالية الهيروسية المشهورة فقال: وهل كان يحضر شبانكم وبناتكم وشيوخكم الحفلة الراقصة لو لم يكونوا متيقنين مثلي أن الحريق كان بقضاء وقدر؟ •••
بقضاء وقدر! أجل، وأنت هناك يا أخي بقضاء وقدر، وإن القضاء ليسعى بينك وبين أهل هيروس ونبال، والقدر يهدم ما تبنيه ويبنونه من الآمال.
صفحة غير معروفة